مهدي العبار العنزي
الإنسان الواعي المدرك هو من يملك العقل والذي يميز بين الخير والشر، وبواسطته يستطيع الإنسان ممارسة الحكمة والصبر والتأني والعفو والصفح، والتغلب على الغضب والغيظ، ودفع الإساءة بالإحسان، واستئصال روح الانتقام والثأر، والابتعاد عن الجرائم والمشاجرات والمشاحنات والقتل والاعتداء، والتي وبكل أسف انتشرت هذه الأيام وذهب ضحيتها العديد من أبناء هذا الوطن، حتى اننا بدأنا نسمع أن الديات ارتفعت من مليون إلى مائة مليون ريال، إنه الانتقام الذي تغذيه بعض العادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة والتي من خلالها ينظر البعض إلى المتسامح، بأنه ارتكب عاراً لا يُغتفر لدى أفراد القبيلة، هؤلاء لم يدركوا ما أمر به الإسلام، من مصارعة الغضب والتدريب على كظم الغيظ والعفو عن أخطاء الناس والتسامح، إرضاءً لوجه الله ولنيْل ثوابه. قال تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . (134 سورة آل عمران).
ولم يقتدوا بقول سيد البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم والذي قال: من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيّره في أي الحور شاء!، فمن منا يرفض هذا الوعد من الخالق سبحانه وتعالى، والذي جاء على لسان نبيه صلوات الله وسلامه عليه، فهل من مجال لنغيّر من ممارساتنا ضد بعضنا البعض، وأن نحترم العلاقات الإنسانية في شتى المجالات، وهل نطبّق مبدأ روح الجماعة التي تدعم تعاملاتنا في حياتنا اليومية وتقويتها برباط إنساني يوحِّد العواطف والأفكار والأهداف؟.
وهل جاء الوقت لبناء مجتمع قائم على الموضوعية العلمية والتقدم العلمي، والمحبة والوئام والتآلف والتراحم وتربية الفرد، ورفع الروح المعنوية له، ليكون صالحاً نافعاً لمجتمعه وأمته؟.