د.عبدالعزيز العمر
عند الحديث عن العلاقة بين وزارتي التعليم العالي والتعليم العام، لن نجد هناك مسطرة موحّدة سار عليها العالم في ضبط العلاقة بين تلك الوزارتين، فهناك دول ألغت وزارة التعليم العالي، وهناك دول دمجت الوزارتين في وزارة واحدة، وهناك دول التعليم العالي فيها مستقل تماماً عن التعليم العام. من جهة أخرى هناك دول مرت بتجربتيْ فصل ودمج وزارتي التعليم العالي والتربية، وفي دول أخرى لا يوجد أصلاً وزير للتعليم العالي بل أمانة عامة تشكل مظلة تنسيقية للجامعات. الواقع أنه ليس هناك مسلّمات تعليمية أو سر يجب كشفه يبرر دمج أو فصل الوزارتين. الأمر برمّته يعتمد على طبيعة النظام الإداري والسياسي والمالي، إضافة إلى الرؤية المستقبلية للتعليم عند هذه الدولة أو تلك. نحن في المملكة العربية السعودية مررنا بتجربة تمثلت في دمج وزارتي التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم تحت مسمّى وزارة التعليم، يبدو لي أنّ عملية دمج الوزارتين ليس كلها إيجابية محضة ولا كلها سلبية محضة، لكننا في العموم يمكن أن نقلل من سلبيات الدمج لو نجحنا من تخفيف قبضة البيروقراطية والمركزية على التعليم بشقّيه العالي والعام، وتم منح بعض القطاعات الصلاحيات الكافية، إنّ هيمنة البيروقراطية والمركزية تُعَد ثغرة كبيرة في أي نظام تعليمي كافية لإضعاف التعليم وتخلّفه. الجامعات في العموم لا تعمل ولا تنتج بصورة جيدة إلا في مناخ من الاستقلالية والحرية الأكاديمية، وفي بيئة عمل على درجة عالية من المرونة، في الجامعات العالمية القرار الأكاديمي - الإداري لا يهبط على الجامعات من فوق، بل ينبع من داخلها وبقناعة تامة من قياداتها الأكاديمية والتدريسية وأقسامها العلمية.