د. عبدالرحمن الشلاش
ما أن هدأت زوبعة تسمم حوالي اثنين وعشرين طالباً في مدارس بشمال بريدة بمنطقة القصيم إلا وتصاعدت شكاوى جديدة من أولياء أمور في مدينة جدة مرفوعة لوزير التعليم حول سوء خدمات بعض المقاصف المدرسية وتقديم أطعمة متعفنة ضارة بصحة الطلاب قد تؤدي إلى أضرار بالغة الخطورة.
حادثة مدارس شمال بريدة دقت جرس الإنذار حول الواقع السيئ للمقاصف المدرسية بإسنادها لمؤسسات غير متخصصة هدفها الرئيس الربح السريع بغض النظر عن صحة الطلاب والطالبات والتي تأتي في مرتبة متأخرة جداً من أولويات أصحاب تلك المؤسسات هذا إن كان لها أساساً مرتبة ضمن قائمة أولوياتها المادية البحتة، فصحة الطلاب في نظر هؤلاء الجشعين يجب أن لا تتعارض مع مكاسبهم وأرباحهم الطائلة، لذلك حدث التسمم في بريدة بسبب قلة المتابعة من الجهات المعنية بإدارة التعليم والتي لا تعفى من المسؤولية، وعدم اهتمام مشغلي تلك المقاصف بنوعية ما يقدمونه من مأكولات ومشروبات وحتى بنوعية العمال وهم من يقدم الوجبات للطلاب ولا بمستوى نظافتهم ومدى سلامتهم من الناحية الصحية.
شاهدت عمالة يمارسون أعمالهم وهم يرتدون ملابسهم العادية، ويوزعون الوجبات دون ارتداء قفازات، والمفروض أن لا يسمح لأي عامل بدخول تلك المقاصف إلا بعد الحصول على شهادة صحية.. ثم أين الجولات التفتيشية عن العمال الذين لا يرتدون الأزياء المخصصة؟.. وأين التفتيش على محتويات المقاصف وكمية القاذورات داخلها؟.. للأسف هناك إهمال لا بدّ من الاعتراف به فتفقد مقاصف المدارس يشهد قصوراً واضحاً ولأماكن تقدم المأكولات لأبنائنا وبناتنا، وفي هذه المرة حدث التسمم للطلاب والله يستر من القادم، ولأن الصحة أثمن شيء فجدير بوزارة التعليم أن تخصص وحدات بإدارات التعليم لمتابعة كل شئون المقاصف.
كنت أتوقع بعد حادثة مدارس شمال بريدة أن تتحرك وزارة التعليم بشكل جاد لدراسة واقع المقاصف بصورة عامة، وإيجاد حلول عملية لتحويل المقاصف لبيئات نظيفة مشعة فأولادنا أمانة في أعناقكم يا وزارة التعليم، وليس من المقبول وقوع أخطاء قد تؤدي -لا قدر الله- لنتائج سيئة، فهل ننتظر مثلاً حالات أكبر من التسمم؟.. هذه المرة عدّت بلطف من الله لكن ليس كل مرة تسلم الجرة خصوصاً في ظل مقاصف مهترئة تنذر بالخطر في أي لحظة.
أعجبني مقطع فيديو يحمل رسالة مدعمة بالأدلة والصور موجه لمعالي وزير التعليم.. المقطع بصوت سيدة سعودية تبكي بحرقة وضع المقاصف وأنها في حالة يرثى لها، وركزت على وضع العمالة وقذارة بعضهم، وإصابة بعضهم بأمراض معدية وجروح في أيديهم، وسلطت الضوء على نوعية ملابسهم التي لا تليق بمن يباشر عمل غذائي قد يؤثر على صحة الأبناء والبنات.. السيدة ناشدت الوزير من خلال وزارته بالمتابعة بإرسال المشرفين والمشرفات للدخول لعمق أي مقصف وكشف ما بداخله من لحوم وخضروات وأجبان قد تكون فاسدة أو منتهية الصلاحية. أعتقد أن إسناد المقاصف في كل مدن المملكة وقراها لشركات متخصصة ومسؤولة ضمن مناقصات وبشروط قوية هو الحل الناجع الذي سيوقف صداع المقاصف المدرسية نهائياً.