د. عبدالرحمن الشلاش
هكذا نقول ونردد «السعودية أحلى بلد». عندما أسمع هذه العبارة من مواطن لا أستغرب لأن المواطن الأصيل لن يقول أو ينطق بغير هذا الكلام لأنه يعشق وطنه بلا حدود. هي السعودية التي تضم على ثراها الحرمين الشريفين قبلة المسلمين في كل بقاع الأرض ببردها وحرها وحتى إن شئت غبارها. مكمن الدهشة أن من يعيش على أرضها من المقيمين يتحول مع الزمن إلى عاشق يعبر عن حبه دون تحفظ بل إن كثيرين من جنسيات مختلفة عاشوا على أرضها سنوات طويلة جدا تجاوزت الثلاثين وربما الأربعين عاما ومع ذلك مازالوا يعيشون على أرضها دون أن يفكروا في العودة إلى أوطانهم، قد يجذبهم المال لكن المال موجود في دول كثيرة. هناك أسرار لتعلق كثير منهم بهذه البلاد. أحد الأصدقاء من جنسية عربية يعيش في الرياض منذ أكثر من ثلاثين سنة قلت له مازحا إلى الآن وأنت هنا متى تنوي المغادرة نهائيا ضحك وقال لي تصدق أنني حين أذهب إلى بلدي الأصلي في الإجازة أجد صعوبة في التكيف إذ لا أعرف أحدا هناك، وأسلوب الحياة مختلف فلا ألبث أن أعود سريعا يا أخي هنا بيتي وأسرتي أحس بحسن التعامل من كافة المحيطين بي من أخواني السعوديين لذلك من الصعب علي مغادرة هذه البلاد والتي بدت وكأنها وطني الأصلي. العامل الهندي الذي يعمل في المؤسسة القريبة من عملي فاجأني حين أخبرني بأنه قضى في السعودية 28سنة وجد خلالها حسن التعامل وطيب العيش.
كثير من المقيمين حين أقابلهم يعددون لي أسرار تميز السعودية وأسرار تمسكهم بالعيش فيها وأسرار حبهم لها، لعل الذي لا يخفى من تلك الأسرار سهولة الحياة فيها ومعقولية الأسعار مقارنة بدول أخرى، والأمن والاستقرار. بعض المواطنين قد يبدو متذمرا من بعض السلبيات لكننا جميعا حين نسافر خارج الوطن ونكتوي بغلاء الأسعار والضرائب وصعوبات الحياة نتذكر بلادنا وما تتميز به من نعم وخيرات، وما يجده الإنسان في هذه الأرض. طبعا لا أتحدث عن الشواذ أو من تنكروا لوطنهم وهم حفنة لا تستحق الذكر، ولا أهتم بطرح من امتلأت قلوبهم بالحسد والغيرة من بلادنا فطار صوابهم وصاروا يهذون بكلام فارغ من كل المضامين المفيدة. عندما نغادر هذه البلاد ولو لأسبوع واحد يستفزنا الحنين للعودة لأننا لن نجد أحلى من السعودية ليس لأنها بلادنا فقط ولكن لأنها تميزت فحق لنا أن نفاخر بها.
في الوقت الذي تقوم حكومات بإبادة شعوبها، ويعيش الملايين في تلك البلدان تحت خط الفقر يصرمهم الجوع ويعشعش في عقولهم الجهل بينما تلك الدول مشغولة بتأجيج الحروب ودعم الإرهاب نجد بلادنا السعودية وقد تحولت إلى جنات خضراء تنتظمها الطرق السريعة والمطارات الدولية. يشهد التعليم فيها طفرة هائلة في أعداد الجامعات والمدارس. هنا حركة بناء هائلة وفي بلدان أخرى حركات هدم. وهنا دعوات للسلام ودعم للمعوزين في أصقاع الأرض، وفي بلدان أخرى تعلق المشانق وهنا في السعودية تفرغ الجميع للبناء والتنمية. يد تبني في الداخل ويد تساعد في الخارج هذه هي السعودية أحلى بلد. حق لنا أن نشتاق لها كلما ابتعدنا عنه.