محمد المنيف
الاتكالية على الآخر تشبه قيادة الأعمى، الذي يسلم يده لمن بقوده دون علم أو معرفة إلى أي طريق سيسلكه.
هذا الأمر نشاهده في ساحتنا التشكيلية الوحيدة في هذا الجانب من بين بقية الفنون فكثير من في الساحة يتسابقون على من يقدم لهم الدعوة لأي نشاط تشكيلي والمعني به ما هو خارج إطار الجهات الرسمية، (وزارة الثقافة، جمعية التشكيليين، جمعية الثقافة) التي لها ضوابط وخطط عمل وفعاليات تمثل فيها الوطن، وبشكل رسمي تحت إشراف وموافقات تضمن حقوق الفنان وتضع إنتاجه في مساره الصحيح، إِذ نرى أن تلك الاستجابة السريعة دون تروٍ نتيجة الاتكالية والتبعية لما هو خارج تلك الجهات ينتج عنها تعثر وبعثرة تنتهي إلى لا شيء، ولكم أن تسألوا أي من أولئك التابعين لأي نشاط ينظمه أفراد أو صالات ما هي مرجعيته ومن يمثل، وقد يجيبك على السؤال بإبداء أسباب مشاركته فيها بأنه لم يجد من يدعمه.
لا نختلف على جوانب التسويق ولا نعترض على أي فعالية تضمن حق الفنان المادي دون ابتزاز الذي يمثله اقتطاع ثلث قيمة اللوحة لتغطية إيجار ورواتب العاملين في الصالة التي أقيم فيها المعرض، كونها أنشئت للهدف المادي وليس لدعم التشكيليين انطلاقًا من القول عصفور في اليد.
أعود للتبعية والاتكالية التي نرى وقوع الكثير من التشكيليين فيها واستجابتهم لأي تنظيم لجماعة أو مجموعة يلمعها القائم عليها بأنها تجمع شتات الفنانين وتدعم الحركة التشكيلية، والمحكومة بميول أو رغبات المنظم، تنكشف تلك الصفات عندما يميل أي من أعضاء هذه الجماعة أو تلك لجهة أو لجماعة أخرى وما سينتج عن هذا الميل من مصير التحجيم والابعاد، مع ما سيقال عنه في الاجتماعات الثنائية وليست العامة من تشكيك فيه وفي الجماعات الأخرى وصولاً إلى حومه حول حمى الجهات الرسمية.
كل ذلك نتيجة الخلل الكبير المتمثل في عدم وضوح هوية وأهداف تشكيل الجماعة أو المجموعة إلا فيما أشرنا إليه من تحقيق لأهداف المنظم لها أو لجهل التابعين والاتكاليين الذين لا يستطيعون تحديد اتجاه بوصلتهم لشعورهم بالنقص وعدم القدرة على العمل الفردي أو الخوف من أمير الجماعة التشكيلية أن يغضب عليه لو انضم إلى جهة ما أو إلى الجهات الرسمية التي انشئت من أجله لضمان نتائج مشاركاته وتوثيقها في مسيرة الفن التشكيلي المحلي والعربي والدولي عكس ما يجنيه من بعثرة إبداعه وتسليم رقبة لوحاته إلى مقصلة الباحثين عن إثبات الذات على حساب الآخرين.
موعدنا الأسبوع القادم مع المنساقين خلف مصيدة المعارض في دول غربية طمعًا في وصفهم بالعالميين، يتحملون التكلفة ويعودون بخفي حنين.