محمد المنيف

تقيم مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان في مجمع للمستودعات تم تحويله إلى منصة «معرض 421» الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي في نوفمبر المقبل، وفي دبي أحيلت بعض الورش الشاغرة في مجمع السركال إلى معارض للفنون وفي دبي المعارض تحيي حي البستكية ومدينة كلبا تحتضن معرضا رغم بعدها عن العاصمة..

الإشارات السابقات ليست مقدمة اخبار..، بل تعني أن الفن الجميل والمتميز والناجح قادر على إقناع الناس في أي مكان يعرض فيه، إذ لا يحتاج إلى صالات مطرزة بالديكورات أو مزينة بالرخام وفي مواقع مشهورة أو شوارع عالية المقام داخل المدن أو في أسواق ومولات، بل في مجمعات خصصت لورش السيارات ومستودعات، وكذلك في مصانع مهجورة كما أقيم معرض ضمن بينالي الشارقة في مصنع ثلج مهجور في مدينة (كلبا) أو في محل سوبرماركت لم يتبق منه سوى أسواره في أحد ضواحي الشارقة.

هذا هو الفن وهكذا يكون اتصاله وتواصله مع محيطه، ومن هذه الأماكن يبرز جماله ويحقق هدفه البصري دون بهرجة أو بحث عن منافسة في الأمكنة.

هذا الواقع لا زال مفقوداً في محيطنا ولا زالت النظرة العامة لدى الفنانين تتركز على المكان أكثر من إنتاجهم، ومن المؤسف أننا نرى أحيانا أعمالا لا تستحق الزيارة اختار لها صاحبها صالة عرض دفع فيها دم قلبه مع قناعته بأنه خسران إلى هامة رأسه.

ماذا لو قدم للفنانين ورشة شاغرة في صناعية الخرج وماذا لو قدم لهم بيت طين في منفوحة، وماذا لو أقيمت معارض في مثل هذه الأماكن أو في بيوت الدرعية القديمة، فإننا سنرى العجب العجاب من التهكم، والتندر في وقت عرضت معارض في باريس ولندن لفنانين سعوديين خدعوا بدعوات من منظمي معارض اعتقادا منهم بأنها فرصة للعالمية فكانت لوحاتهم كالمساجين في زنازين انفرادية ومع ذلك قبلوا بها.

اننا لا نزال نبحث عن القشور دون أن نعي أهمية الفن والاهتمام به ليكون مقنعا، لا أن نجعل من المكان وسيلة لتحقيق غاية باهتة، والبحث عن سبل التعامل مع إنجازنا من خلال دراسة كيفية جعله جزء من سياحة الناس لا أن يكون نخبويا، لماذا لا تكون البيوت القديمة وأزقتها خاصة المدرجة ضمن الترميم أو التجميل والتحسين سبيلا لمزج الفن بالمكان ليكون مصدر تعجب حتى لوكان مزعجاً لمن لا يعي أبعاد الفكرة.

كم هي جميلة تلك المواقع في الشارقة وفي أبوظبي أو في دبي في الأحياء القديمة كالبستكية وغيرها حينما تدخل غرف منازلها الضيقة لتشعر أنك تخرج إلى عالم آخر أكثر اتساعاً من خلال لوحتين أو ثلاث حسب المقاس وسعة المكان. أشياء جميلة لكننا نفقدها.