ناهد باشطح
فاصلة:
- ((ظلم يرتكب بحق شخص واحد هو خطر على الجميع))
- حكمة لاتينية -
لن نختلف على تفوق إعلام المواطن في قنوات التواصل الإعلامي في الضغط على المؤسسات الخدمية لصالح الحفاظ على حقوق المواطن وإيقاف الفساد الإداري.
لكن ما لفت نظري ردة فعل مؤسسة حكومية متماسة بشكل مباشر مع صحة المواطن تجاه قضيتين كلاهما تمس صحته.
القضية الأولى حين كشف الطبيب النفسي السعودي «متعب العنزي» عن مخالفة مهنية للطبيب طارق الحبيب في إعلانه وبيعه لجهاز «الفاستيم» لمعالجة الاكتئاب.
والقضية الثانية حين كشف مقطع فيديو عن وجود حشرات «صراصير» في مركز النقاهة في جدة.
في القضية الأولى وبالرغم من تصريح الجمعية السعودية للصحة النفسية بعدم فاعلية الجهاز للعلاج لأنها غير مدعومة ببراهين علمية وأن الجهاز غير مصنف ضمن التوصيات العلاجية المبنية على البراهين لأي جمعية للطب النفسي في العالم.
وكذلك تصريح هيئة الغذاء والدواء بأنها لم تأذن بفسح الجهاز أو تسويقه حتى تاريخه، وأعلنت عن إيقاف تسويقه وإيقاف الحملات الدعائية إلا أن وزارة الصحة اكتفت ببيان حذرت فيه من استخدام الجهاز ووجهت الجهات المعنية للتأكَّد من خلوه من أي مؤسسة صحية ومخالفة من يقوم ببيعه أو يروج له أو يستخدمه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه
ولم تعلن عن تطبيقها لأي عقوبات تجاه الطبيب «طارق الحبيب» وغيره ممن ما زالوا يستعملون الجهاز ويبيعون الوهم للناس، بينما في القضية الثانية أعفي مدير مستشفى الملك فهد بجدة «حماد شجاع» ومعه عشرة مسؤولين من مناصبهم رغم تصريحاته «البكائية» أنه أخبر الوزارة بأهمية نقل النقاهة إلى مستشفى الثغر «الصراصير» منذ خمسة أشهر ولم يجد تجاوبًا!!
ولست هنا في مقام تقييم أمانة مهنية «حامد شجاع» أو «طارق الحبيب» فالأشخاص لا يعنوني فيما أكتب مع احترامي لهما.
إنما أتامل في معايير تطبيق العقوبات لدى وزارة الصحة؟
إذ مازال جهاز الفاستيم موجودًا وما زال المدافعون عنه أطباء وغير أطباء يبيعونه للناس وهمًا.
وكل ما أثارته وسائل الإعلام حول مخالفة من يبيعه ويستعمله للأخلاق المهنية لم يحرك ضمير وزارة الصحة لاتخاذ عقوبات بشأن المخالفين لأخلاقيات مهنة الطب.
هل لا بد أن توجد الصراصير في مراكز العلاج النفسي الوهمية التي يطبق فيها علاج الناس من قبل من لا يحملون المؤهل للعلاج النفسي؟
هل لا بد أن يكون هناك مقطع فيديو لمن استعملوا جهاز الفاستيم أو اشتروه وأصابتهم مضاعفات أثرت على حياتهم؟
الذي أعرفه أن الحفاظ على التزام الأطباء بأخلاقيات مهنة الطب مسؤولية وزارة الصحة
فإن وجدت معايير للعقاب مختلفة فلا اظن يوجد معايير للأخطاء في حق حياة المواطن!!
لا يوجد خطأ بسيط وخطأ جسيم بل يوجد خطأ بصرف النظر عن مستوياته التأثيرية في حياة المواطن.
في مثل هذه الصورة من تباين تطبيق العقوبات يمكن أن يصل الأمر أن يصمت مسؤول عن وجود حشرات قابعة خمسة عشر عامًا ملازمة للمرضى ومعاصرة لسبع وزراء - لا نعلم هل هو من صمت أم هم من صمتوا عن حماية المرضى- وإذا أعفي من منصبه يصرخ «جات على أنا».
حين تختلف معايير الالتزام بالقيم لا تكون هناك فعالية للعقاب ويصبح الجاني مظلومًا.