عبدالملك المالكي
في مستهل طريق مونديال روسيا 2018، وفي الوقت الذي تلقت فيه شباك طقم حراس المنتخب الماليزي الثلاثة (دوالا الحارس الأساسي، وخاريل فهيم الحارس البديل، وبديل البديل الحارس محمود زمير) سبعة عشر هدفاً، ستة عشر منها من منتخبين فقط «الإمارات 10 أهداف و6 أهداف من منتخب فلسطين»، وهدفاً من منتخب تيمور الشرقية، في جولة واحدة فقط.. حدث ذلك فيما لم يستطع مهاجمو ماليزيا مواجهة مجموع السبعة عشر هدفاً التي وجلت مرماهم (الفشنك) إلا بتسجيل هدفَيْه (القصريين)، أحدهما تلقته خطأً شباك منتخب تيمور الشرقية المتهالك، والهدف الآخر استقبلته ببرود معتاد شباك منتخبنا الفذ، الله يحرسه.
هنا أقول وبصريح العبارة، وبعيداً عن (إجرام) جمهور ذوي (الدم البارد/ الثائر) في حقيقة مشهد الشغب ضد عبدالله بن سلطان أحمد شاه ووالده اللذين رأسا كرة القدم الماليزية الوراثة لأكثر من ثلاثين عاماً، ولا نتائج تُذكر.. بعيداً عن ذلك وعن كل قصص وحواديت ما وراء المحيطات، وكل ما يريد أن يشغلنا إعلامياً به (اتحاد الفشل) ومدرب (الغبنة) فيما يراد أن يُشغلونا به عما يجري لمنتخب سيغدو (صراعة)، وربما أمل تأهله الوحيد في نهاية الأمر هو استجداء التعادل مع الكرة الفلسطينية في الأراضي المقدّسة يوماً ما، الكرة الفلسطينية المحاصرة ضمناً والمخنوقة بالاحتلال الصهيوني.
إن ما حدث من شغب جماهيري ماليزي وضح التنظيم المسبق عليه، والتركيز على اتخاذ المباراة (حدثاً) لنهضة كروية شاملة، قد يبنيها الماليزيون - أو هكذا أعتقد - على أنقاض تاريخ مباراة طرفها الأخضر الجريح.. نهضة أخشى أن نحتاج إلى مثلها بعد أن يفوت الفوت لبناء كرة قدم حقيقة، لا تستجدي على الإطلاق العطف لتاريخ تليد.
هنا القول بصريح العبارة، قول قلما ذكره العديد من المحللين والنقّاد، قول لا إنشاء ولا تنميق فيه.. وهل يجدي الكلام المنمق لمن لا يفقهه أو لعقول لا تستوعبه.
فنياً، لم تُخفِ مباراة ماليزيا قصوراً فنياً واضحاً غطى أثره سبعة تيمور الشرقية، أضعف منتخبات العالم قاطبة، منتخب تيمور الشرقية الذي لو قدر له اللعب مع (أرطاوي الرقاص) لتغلب عليه بدرزن أهداف في كل شوط أو تزيد.
فضمان الفوز وعدم احترام المنافس وزيادة الحشف كيلة غياب كامل للحلول الفنية التي كنّا ننتظرها من مدرب (الغبنة) ومن نجوم (الأندية) الذين فيما يبدو عملياً بات المنتخب آخر اهتماماتهم، وغابت التسديدات المباغتة التي عادة ما يتطلبها مجريات مباريات يتكدس فيها عناصر الفريق المنافس في ملعبهم.. وذاك - لعمري - مردة غياب (الإرادة) عن منتخب بأكمله.. بما فيه من أجهزة إدارية وفنية ولاعبين.. إرادة التغيير للأفضل عملاً لا قولاً.
إدارياً، عمَّ القصور (إدارة المنتخب) وما علاها.. ومن يرزح تحت عمل تلك الإدارة.. وقديماً قالوا (فاقد الشيء لا يعطيه). أين العمل الإداري الذي يرتهن لرفع وعي وإدراك اللاعبين بأهمية بذل كل ما يملكون من مهارة، باتت تتجلى في منافسات (الأندية) عنها فيما يخص المنتخب؟
زكي الصالح ومَن معه ومَن هم فوقه في سلسلة العمل الإداري وصولاً لرئيس الاتحاد يبدو أن وعيهم وإدراكهم أقل بكثير من أن يدركوا أن التأهل لكأس العالم يبدأ من حيث باتت تلوح في الأفق بوادر فشلهم فيه مبكراً.
زكي الصالح الذي نحترم شخصه الكريم إلا أننا نقول وبصريح العبارة إنه ليس الرجل المناسب في المكان المناسب.. رجل ينقصه (الحزم) مع لاعبين لا يأتون إلا بالعين (الحمراء)، لا بالدفاع عن سقطاتهم من باب شر البلية ما يُضحك.
ذات الباب الذي واصلنا الضحك معه قهراً ونحن نسمع تبرير المدرب الذي يبدو أنه لم يتعرف على لاعبيه، ويبدو أنه لن يعرفهم في الشهور العشرة المتبقية من عقده (الجااااائر).. مدرب يقول إن لياقة الفريق الماليزي عالية، ولم نستطع التغلب عليها.. سبب مضحك فعلاً، لا يقل مطلقاً عن ترنيمة (استطعنا ولكننا ما استطعنا)، التي يرددها دوماً الطيب (أبو رضا) في تبرير مواقف كهذه، تستجدي الضحك قهراً.
أبو رضا - الله يرضى عنه - يقول (الصواريخ) أثرت علينا، والشماريخ (التي أخذ يسجل وقائعها بهاتفه الخلوي)، وكأنما لا توجد قنوات ناقلة للحدث وعشرات المصورين الميدانيين.. ولكنها (الداخلية المهزومة) التي تهرع للتبرير والبربرة حين يغدو العمل الجاد ضرباً من الخيال.
أقول لرئيس الاتحاد: الصواريخ انطلقت في الدقيقة الـ88 من عمر اللقاء، أي قبل انتهاء اللقاء بدقيقتين فقط.. ولعلها (صواريخ الرحمة)؛ لينتهي اللقاء بتفوق معنوي، كان قد حسمه منتخب فلسطين على الملعب ذاته، وأمام المنتخب ذاته بنصف درزن.. فيما أكمل رجال (الأبيض - منتخب الإمارات) في التوقيت ذاته عشرة كاملة في شباك المنتخب الماليزي المتهالك.
فقط احترمنا من احترم عقولنا في المقام ذاته.. تصريح الدكتور خالد المرزوقي الذي يعترف فيه بضعف المنتخب السعودي فنياً وعدم جاهزيته.. تصريح يضع الأمور في نصابها الصحيح بينما رئيس الاتحاد السعودي يعزو المشاكل كلها إلى (الصواريخ) التي غزت الملعب في آخر دقيقتين من عمر اللقاء.
هذا، وما زال هناك من (يطبل) دون حياء وبشكل مقزز، وباستخدام جُل أدوات التطبيل والعزف على وتر الوطنية، ووجوب (الدعم.. حتى وقوع الكارثة).
أقول: علينا تعليق الجرس والبحث السريع عن جميع الحلول الممكنة، بتغييرات شاملة إدارياً وفنياً، وجلب الرجال الصارمين إدارياً مع (حركات الصبية) التي باتت تتكرر في كل لقاء يكون طرفه أخضر الوطن.
وأقول أخيراً: إن على سمو الرئيس العام التدخل في عمل أولئك الذين لا يعون بشكل أو بآخر خطورة المرحلة، وإن كنّا في جولتها الأولى (لأن نتاج عملهم سيطوله شخصياً في حال الإخفاق).. أولئك الذين يتغافلون عن أن عدم اجتياز (الأدوار التمهيدية للتأهل لمونديال روسيا 2018 م - وهذا أمر وارد جداً بمنافسة منتخب فلسطين اليافع، الذي أضحى الند الحقيقي للمنتخب السعودي إن لم يتفوق عليه - عدم التأهل - لا قدر الله - يعني غياباً تاماً وموتاً حقيقياً لكرة القدم السعودية، ولأمد بعيد، يمتد حتماً إلى أن يزور كأس العالم (دوحة العز) في 2022م.. أي غياب متواصل عن أكبر فعاليات كرة القدم لمدة تفوق 16 عاماً.
وتلك مسؤولية لن يتحمل أثرها اتحاد فاشل بل ستطول حتى الرئيس العام؛ فالأمر غاية في الجدية، وفقط العودة للوراء قليلاً واستلهام الذاكرة، كيف هي ردة الفعل على عدم التأهل لمونديال 2014 بالبرازيل، ومَن (دفع ثمن ذلك عملياً) حين يتواري عن الأعين المدرب والجهاز الإداري واللاعبين وحتى رئيس الاتحاد. فقد أعذر من أنذر.. والله من وراء القصد.
في الصميم:
العاقل من اتعظ بغيره