جاسر عبدالعزيز الجاسر
بعض الصحفيين الغربيين الذين استوطنوا عواصم الدول العربية، واكتسبوا شهرة مهنية؛ كونهم زُرعوا في الدول العربية؛ إذ إن كثيراً منهم يتعاملون مع أجهزة المخابرات الغربية، التي رسمت لهم الطريق للوصول إلى مراكز السلطة في البلدان التي يقيمون فيها، ولأنهم قريبون من السلطة، فإنهم يحصلون على معلومات أكثر من الصحفيين في البلد نفسه؛ ولهذا فإن أخبارهم وقصصهم الصحفية تكون أكثر مصداقية وأقربها للمهنية، وإن كانت تخدم توجهات محددة، منها خدمة السلطة التي زودت ذلك الصحفي بالمعلومات.
من هؤلاء الصحفيين الصحفي والكاتب الغربي روبرت فيسيك، الذي بنى شهرته من قربه من نظام حافظ الأسد، الذي وفر له الإقامة والحماية في بيروت (لبنان) إبان سيطرة القوات السورية هناك، ورُحِّب به كثيراً في دمشق حيث ألف كتاباً عن حافظ الأسد وسط آلاف المقالات عنه وعن قادة المقاومة والممانعة، وانتمى إلى معسكر اليسار الغربي. ومن العواصم العربية طارت شهرة فيسيك، وأنه أكثر الصحفيين الغربيين مهنية وحياداً؛ لأنه انحاز إلى جانب المقاومين العرب.. وصنع منه اليسار العربي رمزاً صحفياً. وبالرغم من أن الصحفيين البريطانيين عُرف عنهم حيادهم ومهنيتهم إلا أن فيسيك منحازٌ تماماً لليسار السلطوي العربي؛ فهو (بوق إعلامي) لنظام بشار الأسد، ومؤيد شرس لحسن نصر الله وجوقة الممانعة والمقاومة المرتبطة بنظام ملالي إيران؛ ولهذا فقد شككت الصحافة الغربية، وبخاصة البريطانية، في مهنية فيسيك وحياديته؛ لأنه يرى ويعكس الصورة الصحفية من وجهة واحدة، ويغفل عن عمد ذكر الوجه الآخر الذي يكمل نقل الصورة التي تكون أقرب للحقيقة إن ذُكرت الحالتان.
آخر تحايل لروبرت فيسيك على الحقيقة هو تجني هذا الصحفي، الذي ارتبط اسمه بالدفاع عن بشار الأسد، على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية، وقوله ظلماً إن هذه الدول لم تستقبل اللاجئين السوريين على أراضيها بما يكفي، بالرغم من أن الأرقام التي تكشف الحقيقة وليس الادعاء تشير إلى أن السوريين الموجودين في السعودية ودول الخليج العربية يتعدون مليونين من البشر، وفي المملكة العربية السعودية وحدها أكثر من 800 ألف مواطن سوري، فتحت لهم المملكة أبوابها، وصدرت تعليمات عليا بقبول أبناء اللاجئين في الجامعات والمدارس، وتوفير العلاج لهم ولعوائلهم في المستشفيات والمراكز الصحية، وقدمت العديد من التسهيلات لتمكينهم من الإقامة الرسمية، والسماح لهم بالعمل.. وما تقوم به المملكة العربية السعودية نراه في دول الخليج العربية التي قدمت العديد من التسهيلات لاستقبال المواطنين السوريين، الذين لا يُعامَلون كلاجئين ويوضعون في معسكرات ومراكز يُحجزون فيها كما في الدول الغربية.
والحسبة البسيطة للأرقام المعلنة تكشف أن من يقيمون في المملكة العربية من السوريين أكثر بكثير ممن يوجَدون في كل الدول الأوروبية، إضافة إلى أن المملكة تقدِّم الكثير من المساعدات المالية والعلاجية للسوريين الموجودين في الأردن ولبنان وتركيا.
كل هذا يتجاهله المستر روبرت فيسيك خدمةً لمن يعمل معهم، ممن يدَّعون المقاومة والممانعة وهم الذين جلبوا الآلام والمآسي للسوريين وغيرهم.