جاسر عبدالعزيز الجاسر
القراءة المتمعنة لبيان سفارة إيران بدولة الكويت والذي أرسل لوسائل الإعلام منها «الأبواق الإيرانية» المنطلقة من المحطات الفضائية الممولة من نظام ملالي إيران، والتي أعطته مساحة أكبر من المساحة الإعلامية التي تحدثت عن اكتشاف «خلية العبدلي» الإرهابية، على الرغم من أن بعض المحطات الفضائية تبث من الكويت. فالقراءة الدقيقة لبيان سفارة إيران في الكويت تظهر ما يلي:
1. التعامل الفوقي والاستعلاء الذي تضمنته عبارات البيان الصحفي، وكذلك أسلوب تقديمه.
2.البيان تجاوز الأصول الدبلوماسية المتعارف عليها، إذ كان المفترض أن تخاطب السفارة الإيرانية وزارة الخارجية الكويتية لا أن ترسل بيانات لوسائل الإعلام.
3. حملت فقرات البيان عبارات تكذيب وتجاوز على هيئة قضائية في دولة مستقلة كان يفترض بالسفارة الإيرانية أن تحترم إجراءاتها لا أن تتهمها بالكذب.
4. تجاهل البيان الإيراني الحقائق التي تضمنتها تحقيقات النيابة الكويتية والتي أكدت ضلوع اثنين من الدبلوماسيين الإيرانيين في جريمة تكديس الأسلحة في منطقة العبدلي تمهيداً لاستعمالها في عملية إرهابية.
كل هذه التجاوزات والتصرفات المرفوضة للسفارة الإيرانية في الكويت أغضبت كل الكويتيين الذين يرفضون أن تمارس سفارة إيران نفس أداء سفارات إيران في الدول التي تخضع للنفوذ الإيراني كما في العراق ولبنان وسوريا، وحيث تحولت تلك السفارات إلى غرف عمليات تدير أعمال التجسس والإرهاب الإيرانية في تلك البلدان، كما أن الكويتين الذين غضوا النظر كثيراً عن تصرفات الإيرانيين، بل حتى التدخل لدى بعض الدول الخليجية لعدم اتخاذ مواقف رادعة للإيرانيين وهم الآن يطالبون باتخاذ مواقف تردع الإيرانيين منها:
1. خفض أعداد العمالة والجالية الإيرانية والقيام بإجراءات حازمة لوقف التسلّل والهجرة غير الشرعية للإيرانيين الذين يتسلّلون بالآلاف إلى دولة الكويت كما لدول الخليج العربية الأخرى.
2. منع دخول المنتمين إلى ما يُسمى بحزب الله، وإبعاد من ينتمون إليه ويتعاونون معه ومحاسبة الكويتيين الذين يتعاملون معه وبعضهم يرسل إليه الأموال وهم معروفون ومشخصون من قبل السلطان الكويتية.
3. صياغة موقف عربي موحّد، وإن تعذّر ذلك بناء موقف خليجي موحّد ضد انتهاكات نظام ملالي إيران واتخاذ إجراءات حازمة ضد التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية وبالذات في دول مجلس التعاون، وإذ تحفظت دولة خليجية أو أكثر على ذلك، مثلما كانت تفعل الكويت وسلطنة عمان سابقاً، يتم الكشف عن ذلك ليعرف أهل الخليج العربي من الذين يتعاونون مع الملالي ضد المصلحة العربية.
4. يستغرب أهل الكويت عدم تحرك الكويت حتى الآن وهو ما جعل السفارة الإيرانية تتمادى في تحدي السلطة القضائية الكويتية ويطالبوا على الأقل باستدعاء السفير الكويتي في طهران للتشاور وكيفية التعامل مع نظام منفلت وشرير.
تأخر دولة الكويت في اتخاذ موقف حازم تجاه السلوك الإيراني المرفوض دبلوماسياً، هو الذي أدى إلى غياب التضامن الدبلوماسي الخليجي مع دولة الكويت، ويتساءل العديد من المراقبين: كيف تقوم دول الخليج العربية بسحب سفرائها أو استدعائهم من طهران، ودولة الكويت لم تقدم أصلاً على هذه الخطوة التي يرى هؤلاء المراقبون بأن دولتين خليجيتين هما سلطنة عمان ودولة قطر لا يمكن أن تقدما على هذه الخطوة.
إذن ما هو المطلوب في هذه الحالة على دولة الكويت أن تقوم بحملة دبلوماسية مكثفة ليس تجاه دول الخليج العربية التي لا تحتاج لتحذيرها وتنبيهها من دخلات نظام ملالي إيران، بل باتجاه الدول العربية التي هي الأخرى تعاني من التدخلات المشينة في الشؤون الداخلية العربية، ومع هذا لا تزال بعض الدول العربية تغض النظر عن هذه التدخلات، بل تدافع عن الملالي. وأن يعقب هذا التحرك صياغة تنسيق عال بين الدول العربية لاتخاذ مواقف حازمة وحقيقية لوقف العبث الإيراني الذي حول المنطقة العربية إلى مناطق صراع مشتعلة.