جاسر عبدالعزيز الجاسر
يبدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مباحثاته اليوم مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في أول زيارة لخادم الحرمين إلى خارج المملكة، تتضمن مباحثات ولقاءات على جانب كبير من الأهمية، فزيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الولايات المتحدة لا تكمن أهميتها كونها الزيارة الأولى لقائد عربي مؤثر بعد تسلمه المسؤولية في بلد محوري مهم ليس على مستوى المنطقة العربية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى دولة محورية وقائدة للعالم الإسلامي، ودولة مشاركة في صنع القرار الدولي ورسم السياسات الدولية السياسية والاقتصادية، كونها دولة عضو في مجموعة العشرين، والتي لم يجر اختيارها لهذه المجموعة الدولية اعتباطاً، بل لأهميتها وتأثيراتها الدولية والإقليمية وإسهاماتها المؤثرة في الاقتصاد الدولي وخاصة في مجالات الطاقة.
إذن الزيارة الحالية لخادم الحرمين الشريفين للولايات المتحدة الأمريكية ومباحثاته مع الرئيس أوباما لن تكون زيارة بروتكولية كباقي زيارات العديد من قادة الدول لبعضهم بعضاً، فهي زيارة ترسِّخ وتعزِّز علاقات عمرها أكثر من 84 عاماً، كما أنها لقائد عربي ومسلم قادم من منطقة تَعُجُّ بالأحداث وتواجه أخطاراً جَمَّة من خلال وجود نظامين إرهابيين جلبا إلى المنطقة العديد من المشكلات والأزمات، ونعني بهما الكيان الإسرائيلي ونظام ملالي إيران، وبما أنَّ الإدارة الأمريكية الحالية كسابقاتها من الإدارات لها علاقات مميزة مع الكيان الإسرائيلي، إضافة إلى سعي الرئيس الحالي أوبماما إلى إعادة صياغة العلاقات الأمريكية الإيرانية، فإنه من الضروري بل ومن الأهمية الكبرى أن تراجع العلاقات السعودية الأمريكية، وإسماع الإدارة الأمريكية وجهة نظر القيادة السعودية وموقفها من التطورات التي حصلت في الآونة الأخيرة، والتي أحدثت بعض المتغيرات التي يرى فيها العرب والمسلمون والسعوديون يحتلون مراكز محورية في متابعة قضاياهم انحيازاً أمريكياً أقله عدم الاهتمام بما يلاقيه العرب والمسلمون في أقطار عديدة ومنها فلسطين والعراق واليمن وسوريا ولبنان وليبيا، وجميعها نرى فيها دوراً وتدخلاً سلبياً من الكيان الإسرائيلي بالنسبة للقضية الفلسطينية، وللنظام الإيراني في قضايا لبنان وسوريا والعراق واليمن، والتدخلات الفجة في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية، كل هذه القضايا تتطلب مراجعة عملية وصادقة للعلاقة السعودية الأمريكية، وأن يتم طرح كل ذلك بشفافية وصدق في إطار العلاقة الإستراتيجية ذات العمق التاريخي التي حققت العديد من المكاسب والمصالح للشعبين السعودي والأمريكي.