علي الخزيم
مع أول يوم مدرسي لهذا العام ارتفعت أصوات تنادي بتعليق الدراسة بحجة الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة في بعض المناطق، يضاف إليها تأخر وصول كتب المقررات الدراسية، وسوء تكييف الهواء أو انعدامه ببعض المدارس، زد عليها تدني مستوى النظافة لا سيما أن بعض المدارس لم تبادر بالعمل بما يكفي بعد عواصف ترابية اجتاحت أكثر المناطق والمحافظات بدرجات متفاوتة، قد لا تكون المبررات كافية للمسارعة لتعليق الدراسة، فالتعليق بذاته ليس مطلبًا ولا هدفًا، ولا يمكن أن يكون هو الحل الناجع عند كل طارئ، فالمرتكز الأساس هو الترغيب والتحبيب بالمدرسة وفصولها وكتبها وكل ما تعنيه المدرسة من حب للعلم والوطن والمستقبل والتربية والأخلاق، والتسابق للخيرات بطرق علمية تربوية تنافسية شريفة، وتمكين التلاميذ والطلاب من استيعاب هذه الأفكار والعمل بها نصًا وروحًا، والايمان بأن المدرسة ليست إلا منطلق لبدايات التسابق نحو المعرفة واكتساب الآداب، وهذا لن يأتى إلا بتأهيل المعلم الناضج، والمدير منفتح العقل والقلب نحو أفق يُمَكّنه من التعامل المثمر مع الانجال (رجال المستقبل)، وهذ بالضرورة يتطلب توافر القيادات الإدارية المسؤولة مسؤولية تنبع من ذاتها قبل أن تتلمس قواعد وبنود المسؤولية المُدَوّنة على الورق الرسمي لتنفذه كواجب روتيني كما اتفق وإن لم يعالج المسائل الطارئة التي تبرز أحيانًا وتحتاج معالجة مُتّئدة؛ كل منها بحسب واقعها وظروفها وملابساتها البيئية المحيطة، فهي تحتاج لمدير وقيادي وتربوي يملك قدرًا من الحصافة والرّوِية وتقدير العواقب، وكلما وُجِدت مثل هذه العقول وُجِد تعليم مثمر وتربية مستدامة، وبالتالي نزرع حب المدرسة وكل متعلقاتها بعقول وأفئدة الناشئة.
فمن مُنَغّصات التعليم ومُنفّرات الطلاب من المدرسة أن يعودوا لفصولهم بعامهم الجديد ليجدوا أجهزة التكييف على حالها السيئ، بين مُعطلة وشبه معدومة التأثير، وعند شكواهم يُبْرز لهم المسؤول بالمدرسة أوراقًا تثبت لهم مطالباته بإصلاحها منذ أكثر من عام ولم يُسْتجب له، أو أن يشتكي طالب لأبيه من ضعف الإضاءة بالفصل فيضطر الوالد لإحضار المستلزمات لتحسين الإنارة بنفسه للمدرسة، ولكن ماذا عن بقية الفصول إنارة وتكييفًا؟ وماذا عن مدارس هنا وهناك تعاني من مُشكلات لم تُحل؛ ليس لأن الوزارة لم تقدم الدعم، بل ربما لأن الاعتماد يكون على مُتعهدين ومؤسسات صيانة وشركات ليست بالمستوى المطلوب، فاذا كان الدعم والصرف المالي على أتمِّه، فَلَمْ يبق إلا حسن اختيار المُنَفّذ الذي يقدر المسؤولية وتبرأ به الذمة، لنحقق للطالب والمعلم والإدارة المدرسية أجواء ملائمة تُرَغّبهم بمدرستهم يشتاقون إليها كل صباح، مهما اشتد المطر أو ارتفعت حرارة الطقس، فيبقى حبها في قلوبهم وإن لم يصلوا إليها، المهم إلا يفرحوا بما يحول بينهم وبينها، وألا يلتصقوا بشاشات التلفزة عند كل بارق راعد أو رشّة من مطر علَّها تكون مبررًا لظهور الشريط الأحمر لإعلان إدارة التعليم حولهم بتعليق الدراسة غدًا، (حتى وإن كانت ثُلّةٌ منهم ستنطلق للبراري مع الفجر) فالأهم أن نُبقي على حب المدرسة بضمائرهم.