علي عبدالله المفضي
من الضروري ان يكون لدى المبدع نوعاً من القناعة والثقة فيما يكتب ليتمكن من عرض ما لديه وإيصاله إلى الناس، وبغير ذلك ربما احبط نفسه وقضى على موهبته بتردده وخوفه أن ما لديه لا يرقى إلى مستوى ما يستحق المتابعة، وإنني اعرف ويعرف القارئ الكريم أن هناك الكثير من الشعراء ممن لديهم الموهبة الأصيلة والشعر العذب ويترددون في عرضه، إما لعدم قناعة بما يقولون أم لخوف من المواجهة وانتقاد الجمهور لهم.
على الجانب الآخر هناك من يعجب بما يقول ويرى أكثر من الجمهور ونقاد الشعر والمتمكنين من النقد انه فلتة زمانه، وان ما يقوله يجب ان يكتب بماء الذهب وأن من يبدي ملاحظة على ما يكتب لا يعدو أن يكون حاسداً أو مريضاً أو متربصاً أو عدواً للنجاح، وربما ناصبك العداء لو أبديت ملاحظة عابرة على جملة أو معنى أو قافية، وربما وصل به الحال إلى القول إنه يدرك ان بيته غير مستقيم ويصر على ان يبقى كما كتبه كي لا يفسد صورة أو معنى جميل وصل إليه ولا يأتي بالالتزام بقاعدة أساسية في الشعر كالوزن.
وهناك من يفرح بملاحظة استدركتها عليه ويأخذ بقولك لأن هدفه ان تصل قصيدته إلى المستوى المقنع، ولا يفعل ذلك إلا من لديه الثقة العالية بالنفس من الكبار إبداعاً وخلقاً ومقاماً وربما عمراً، ومن النماذج الرائعة شاعرنا الكبير بدر الحويفي - أمد الله في عمره - فحين لقائي به في برنامج (رحلة في وجدان شاعر) سألته هل كان في بداياته يأخذ برأي من يبدي ملاحظة على قصيدته قال: ما زلت أستشير وآخذ بالرأي حتى من غير الشعراء ممن يرى في قصيدتي خطأ غاب عني.
وقفة
لحسان بن ثابت رضي الله عنه:
وإنما الشِّعْرُ لُبُّ المرْء يَعرِضُهُ
على المجالس إن كَيساً وإن حُمُقا
وإنّ أشعرَ بيتٍ أنتَ قائلهُ
بَيْتٌ يُقالُ، إذا أنشدتَهُ، صَدَقا