لبنى الخميس
يُعَد قبولك في جامعة مرموقة في الولايات المتحدة الأمريكية مؤشراً على 3 أمور أساسية: إما أنك شديد الذكاء، أو الثراء، أو الحظ! وذلك لأنّ عملية القبول في بعض تلك الجامعات قد لا تتجاوز الـ3% أحياناً.. ما يعني أن الذين حظوا بشرف «المقعد الدراسي» هم فئة تم انتقاؤها بعناية تحت معايير شديدة التطلب والتعقيد.. ما يدفع كثيراً من الآباء والأمهات في الولايات المتحدة ودول أخرى في العالم، أن يفنوا حياتهم في تحضير أبنائهم لدخول تلك الجامعات التي تعدّ غالباً جواز سفر يضمن لك مستقبلاً وظيفياً مبهراً، وبريستيجاً اجتماعياً رفيعاً.
ولكن ماذا لو قلت لك بأنّ علماء حائزين على نوبل، وبعض أبرز الشخصيات في العالم وأكثرها ثراءً وتأثيراً، تم رفضها في مقتبل عمرها من بعض أهم الجامعات في العالم، ولكن بالرغم هذا الرفض المرّ لهم في هذه السن الحساسة والمرحلة الدقيقة من حياتهم.. لم تثنهم رسالة الرفض التي تلقوها من هيئة القبول عن جعل حياتهم رسالة أجمل تزخر بدروس الإصرار ومعاني تحدي الفشل.
اليوم أشارككم أسماء شخصيات مؤثرة لم يحالفها الحظ في دخول تلك الجامعات، فدأبت على تطوير نفسها، والاستثمار في ذاتها حتى قطفت بعد سنوات ثمار الإرادة والتصميم.
- جون كيري: وزير الخارجية والدبلوماسي الأول في أمريكا تم رفضه من أفضل جامعات العالم «هارفارد» ليس مرة واحدة فحسب بل مرتين.. لكن ذلك لم يمنعه من التقديم على جامعة عريقة وهي «ييل» فقُبل فيها وتخرج منها عام 1966 وبدأ مشواره الوظيفي حتى نجح في إيجاد مكانة سياسية رفيعة لنفسه، ما جعله يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية أمام نده جورج بوش (الذي يصادف أنه قُبل في هارفارد لكنه لم يكمل دراسته بها) وفشل في أن يصبح رئيساً.
- وارن بافيت: نعم، إنه المستثمر الأمريكي الأشهر في تاريخ أمريكا، وثالث أغنى رجل في العالم بثروة تقدر بـ 65 مليار دولار حسب قائمة فوربس لأثرياء العالم عام 2014، تم رفضه من جامعة هارفارد، فقدم على جامعة «كولومبيا» الشهيرة في نيويورك وتخرج منها، فانخرط في عالم المال والاستثمار، ولمع اسمه في وول ستريت. ولعل أكثر ما يجعل مكتب القبول في هارفارد يندم على هذا القرار، هو أنّ السيد بافيت يعد من أسخى المتبرعين للمؤسسات والجمعيات الخيرية التي تعنى بتحسين حياة البشرية، وهارفارد قائمة تقريباً على التبرعات والأوقاف.
- تيد تيرنر: قطب الإعلام الأمريكي مؤسس شبكة «سي ان ان»، ورجل الأعمال المالك لاستديوهات يونيفيرسال، تلقى هو الآخر رفضاً مزدوجاً الأول من جامعة برينستون، والآخر من جامعة هارفارد، لكن ذلك لم يثنه من أن يضع اسمه في قائمة المؤثرين والرواد، فالسيد تيرنر أول من أطلق فكرة قناة إخبارية تقدم على مدار الـ24 ساعة في العالم، وهي «سي إن إن».
- هارولد فيرموس: العالم الأمريكي الحائز على جائزة نوبل للطب عام 1989 مناصفة مع زميله جون بيشوب، نظير اكتشافهما للمنشأ الخلوي للمورثات الورمية للفيروسات القهقرية. تم رفضه من قبل كلية هارفارد للطب مرتين.. إلا أنه لم يستسلم ولمع في مجال عمله حتى رشحه الرئيس باراك أوباما ليكون مديراً للمعهد الوطني للسرطان.
أخيراً .. نعيش اليوم الأسبوع الأول من العودة إلى المدارس والجامعات في المملكة، رحلة لن تكون سهلة لكثير من الطلبة والطالبات، فالمقعد الدراسي يتطلب جهداً وعزيمة وتركيزاً مستمراً يعجز البعض عن توفيره، ما يجعله في حالة إحباط وتكاسل، وشعور متضاعف بفقدان الثقة بالنفس. تلك الأسماء التي ذكرتها في مقالي إلى جانب شخصيات أخرى لا يسع المجال لذكرها، عانت من مرارة الرفض والفشل، لكنها أدركت أنّ ألم الرفض لا يقل مرارة من ألم الانهزام والاستسلام له، فآمنوا بأنفسهم حينما منحتهم الحياة كل الأسباب لفعل العكس، وامتطوا أحلامهم حينما شكك الآخرون بقدرتهم على تحقيقها، فنجحوا في غرس أسمائهم في قوائم المنجزين والمؤثرين عالمياً ، يقول الكاتب الإماراتي ياسر حارب «إذا رفضك الناس، لا يهم أن تدافع عن نفسك بل أن لا تفقد الإيمان بنفسك».