د. محمد عبدالله الخازم
قياس التسرب والتعثر في التعليم الجامعي تتجنب الجامعات دراسته وإعلانه - في حال درسته- و يتطلب دراسات تتبعية مقننة للحصول على الدقة المتناهية فيه. سنتجاوز ذلك بوضع بعض الفرضيات البسيطة التي قد تمنحنا مؤشرا عاماً في الموضوع وفق ما هو متوفر من إحصائيات بموقع وزارة التعليم حول المقبولين والخريجين لمرحلة البكالوريس. أبسط الطرق هو معرفة عدد سنوات الدراسة الجامعية وقياس المدخلات لسنة ما ومن ثم المخرجات بعد عدد السنوات المفترضة للدراسة، فإذا افترضنا بأن مدة الدراسة الجامعية خمس سنوات فيمكن معرفة المقبولين عام 2008-2009م، على سبيل المثال، والخريجين بعد خمس سنوات أي عام 2013-2014م. الفرق بينهما يعتبر تسرب أو تعثر في الدراسة. مع الأخذ في الاعتبار أنه نظراً لاختلاف سنوات الدراسة بين كلية وأخرى استخدمنا معدل خمس سنوات كمعدل للجامعات المختارة باعتبارها تحوي كليات هندسية معدل سنوات الدراسة بها خمس سنوات وكليات طبية معدل الدراسة ست سنوات أو أكثر وكليات علوم إنسانية معدل الدراسة بها أربع سنوات تقريباً. تجاوزنا كون طلاب التخصصات النظرية هم الأكثر. جامعة البترول افترضنا المعدل ست سنوات باعتبار كلياتها جميعها هندسية. حساب كل كلية على حدة أو أخذ معدل عدة سنوات، ربما يكون أدق علمياً، لكن هذا مقال صحفي يؤشر على المشكلة ولا يدعي دراسة تفاصيلها العلمية.
هذه أمثلة لنسب التسرب- التعثر بالجامعات السعودية الكبرى:
- 59.5 % ممن التحقوا بجامعة البترول عام 2008-2009 م لم ينهوا الدرحة العلمية بعد ست سنوات من الدراسة. اي أن نسبة التعثر -التسرب بلغت 59.5%.
- 37% من الذكور و32% من الإناث ممن التحقوا بجامعة أم القرى عام 2008-2009م لم يتخرجوا عام 2013-2014م
- 52.6% من الذكور الذين التحقوا بجامعة الملك سعود في العام 2008-2009م لم يتخرجوا عام 2013-2014م
- 85.5 % من الملتحقات بجامعة نورة لم يتخرجن بعد خمس سنوات. التحق بالجامعة 14946 طالبة عام 2008-2009م وتخرج منها 2145 طالبة فقط عام 2013-2014م
- 62.5 % ممن الذكور المستجدين بجامعة الملك عبدالعزيز عام 2008-2009م لم يتخرجوا عام 2013-2014م.
التعثر هو عدم إكمال المرحلة الجامعية في الوقت المفترض للحصول على الدرجة العلمية والتسرب هو عدم إكمال المرحلة لأسباب منها الفصل أو الانسحاب من الجامعة. وأتمنى أن توضح لنا الجامعات إن كان الأمر مجرد تعثر وتأخر بالدراسة أم أنه تسرب، وإن كانت لديها دراسات أكثر دقة مما أشرت إليه أعلاه. لو قبلنا فكرة التعثر فهذا يعني أن هناك نقص في الكفاءة الأكاديمية وهدر في الموارد الإقتصادية. أما التسرب فسؤال الكفاءة يضاف له، أين ذهبت الأعداد الكبيرة التي لم تكمل التعليم الجامعي ولماذا يهرب- يفصل الطلاب من الجامعة؟ هل تحولت الجامعات إلى مصدر هدر للموارد، وأهمها موارد المستقبل البشرية؟ هل تأخذ وزارة المالية هذا الأمر في الإعتبار في تقديرها لميزانيات الجامعات؟ أم أنها ليست معنية بالكفاءة وقياس المخرجات؟ هل تحاسب إدارات الجامعات والكليات على هذا الهدر؟
عندما أعلن مدير جامعة الملك سعود السابق ضمن سياق مبررات إستحداث السنة التحضيرية بأن نسبة التسرب بجامعته تجاوزت 30% صدمتنا النسبة ، لكن يبدو أن الحقيقية أكبر من ذلك، وربما أعلى من 50% لو فحصت كل كلية على حده. و هذه المؤشرات - وليس بالضرورة الأرقام الحقيقية- للجامعات الكبرى وربما يكون الحال أسوأ بالنسبة للجامعات الأحدث، فما هو رأي إدارات الجامعات ومسؤولي التعليم؟
أخيراً أدعو لنشر إحصائيات أكثر شفافية ودقة تحوي أعداد المفصولين - المنسحبين والمتعثرين بالجامعات كل عام...