د. عبدالعزيز الجار الله
أصبحنا نصغي جيداً للمسؤول إذا تحدث؛ لأن لدينا قناعة أن المسؤول لا يجازف في الظهور في الحوارات المباشرة إذا لم يكن لديه جديد مقنع ومسلح بمهارة تخطي شباك وسائل الإعلام.
أمير مكة المكرمة مستشار خادم الحرمين الشريفين خالد الفيصل، لا أحد يشك في مهارته في التعامل مع وسائل الإعلام، وله سجل طويل في الحوارات والمواجهات الإعلامية, في حديثه لضيوف مهرجان سوق عكاظ يوم الخميس الماضي بعد أن قال جملته الأخيرة في الكلمة الترحيبية وإعطاء ابعاد مهرجان سوق عكاظ التاريخي قال: (سأخرج عن النص) وأعلن عن جوائز للعام القادم وقال الأهم: (أن سوق عكاظ هو سوق لا يقتصر على الشعر والتاريخ فقط بل هو سوق للاقتصاد والاستثمار والتجارة والصناعة والثقافة). وهنا حرر الفيصل أمير سوق عكاظ فكرة السوق من مهرجان معني بالشعر إلى (أصولية وتأصيل ) السوق بأنه ساحة من ساحات الممالك العربية تلتقي عنده قوافل ورحلات الشتاء والصيف على وهج الشعر والنفس العروبي الذي يشحن ذاته في مواجهة أطماع الغساسنة والمناذرة عرب الشمال, أحباش إفريقيا, فرس بلاد الجبال وسط آسيا, بيزنطي الشام, وكأن العرب تأتي إلى عكاظ للعمق الاستراتيجي لتنهل وتتمرغ بعروبته, وهنا لا أدري لماذا تذكرت قصيدة الشاعر طاهر زمخشري (إلى المروتين):
أهيم بروحي على الرابية
وعند المطاف وفي المروتين
وأهفو إلى ذكر غالية
لدى البيت والخيف والأخشبين
أهيم وفي خاطري التائه
رؤى بلد مشرق الجانبين
يطوف خيالي بأنحائه
ليقطع فيه ولو خطوتين
أمرغ خدي ببطحائه
وألمس منه الثرى باليدين
وألقي الرحال بأفيائه
وأطبع في أرضه قبلتين
هي التداعيات التي تجرنا إلى جبال الطائف ذات السحنة السمراء إلى حافاتها وسفوحها المنحدرة, إلى صخرة عكاظ حيث عرب السرات وعرب تهامة وعرب نجد وعرب أرض النفود وشقائق الرمل تجتمع في عكاظ تدير حوار الشعر والعقل تبحث عن ذاتها وقوتها في دفع البلاء عن أرض العرب من طغاة متربصين بها في جميع نواحي العرب للانقضاض.
أمير عكاظ الألفية الثالثة يبحث من على صخرة عكاظ عن تحرير فكرة عكاظ الشعر والتاريخ ليصبح سوق (العكاظ) للأحياء ولمدينة الطائف ولأهلها, يبحث لهم الاستثمار والشعر لمن أحب جادة شعراء المعلقات على وقع قصيد لبيد بن ربيعة العامري وتغريبة قوافل و مطر محمد الثبيتي:
أدر مهجة الصبح
واسفح على قلل القوم قهوتك المرة المستطابة
أدر مهجة الصبح ممزوجة باللظى
وقلب مواجعنا فوق جمر الغضا
ثم هات الربابة.