د. عبدالعزيز الجار الله
لا يمكن أن نستمر طويلاً نتلقى ضربات داعش في المساجد وما يرافقها من تهديدات وتفجيرات، وبالمقابل نبقى بلا مواجهة عسكرية.
ولي العهد الأمير محمد بن نايف عندما زار مسجد الطوارئ الذي وقع فيه الانفجار بأبها، قال: سنرد على داعش في الميدان. وهذه رسالة من الأمير محمد بن نايف إلى داعش وإعلامها الذي يرسل التهديدات والوعيد، رسالة انتظرناها لوقف طموح إعلام داعش، إذن حان الرد بالداخل والخارج، وأيضاً الانضمام ميدانياً إلى الحملة الدولية ضد داعش: أمريكا، بريطانيا، تركيا، روسيا، العراق، المعارضة السورية. قد لا يكفينا تجفيف ومطاردة أعضاء داعش في الداخل والوصول إلى خلاياهم الصغيرة ثم محاكمتهم وسجنهم، وإن كان هذا الإجراء قدم بعض النتائج الإيجابية، لكن لا نريدهم بالسجون وعملياتهم الانتحارية مستمرة تهدد المدن وتمنع المصلين عن الصلاة في المساجد، ليصبح كل جامع وكل مدينة تحت التهديد، ضرب قياداتها في الداخل وشل حركتها قبل التنفيذ، كذلك تعقبها بالخارج هو أهم الأهداف والذي ننتظره من القوى الأمنية.
لنا تجربة طويلة في محاربة القاعدة منذ عام 2001م قبلها تجربة التسعينات الميلادية حين اتبعت السعودية أسلوب الحرب والتعقب، حيث انضمت إلى القوى الدولية في حرب القاعدة عبر القوات والمعلومات اللوجستية العسكرية، فداعش هي الخطر الأكبر لأنّ قواتها العسكرية تحارب في اليمن والعراق وسوريا أي على أطراف حدودنا وهذا مكمن الخطورة.
الحرب العسكرية ضد داعش ضرورة للأمن والاستقرار - ومن تجربة حرب القاعدة تعلمنا - أنّ الأهم الاستمرارية في المواجهة مع استخدام كل الوسائل، فانتصارها في الداخل فقط قد لا يجدي ولا يحقق الحماية، إضافة إلى رغبتنا في القضاء على داعش الخليج، فمنظمة الدولة الإسلامية كما تسمِّي نفسها من أهدافها بعد العراق وسوريا الدخول إلى الخليج، وهناك دول تساعدها بل تدفعها للدخول إلى الخليج العربي عبر بوابة العراق، وهو ما نخشاه دائماً أن تصل داعش بعد أن تهزم في العراق وسوريا إلى الدول الخليجية، ولها أكثر من طريق : العراق، اليمن، مياه الخليج وبحر عمان، مياه البحر الأحمر.
كما عملت داعش في عريش مصر وليبيا، فإنها سوف تسعى إلى بناء خلاياها في الخليج وتستعد لحرب طويلة في بقاع الوطن العربي رغم أنها تواجه قوى غربية كبرى، لذا يجب عدم انتظار نتائج حرب القوى الكبرى، فقد تعلمنا في السعودية والخليج أنّ المتغيرات الدولية سريعة وغير متوقعة، فالتقلبات السياسية والمواقف العسكرية تحدث عبر تداعيات سريعة كما حدث في الربيع العربي وما أعقبه، فداعش نفسها وُلدت في ظرف سياسي سريع لخدمة أهداف خاطفة ومازالت قابلة لتغيير أهدافها وإعادة رسمها من جديد، لذا فإنّ مواجهتها في هذه المرحلة سيكون جدواها أفضل من انتظارها حتى تحرك جيوشها.