د. أحمد الفراج
قبل أيام، تواصل معي صديق إماراتي، وكان غاضباً، ودون أي مقدمات، قال: «أمسكوا مجانينكم»، وعرفت من خلال المحادثة أنّ هناك حالة استياء من بعض المغردين «الحزبيين» في المملكة، والذين تخصصوا في الهجوم على أهم حلفاء المملكة حالياً، أي مصر والإمارات، وقلت له إننا نعرف هؤلاء جيداً، فهم من كوادر الجماعات الإسلامية المسيسة، والذين يكتبون بإيعاز من جهات أجنبية، تدفع لهم بالدولار والأصفر الرنان، مع الاعتذار للمفكر علي الوردي، وأخبرته بأنّ المثقفين والكتّاب السعوديين يعرفون هؤلاء جيداً، وهم لا يهاجمون مصر والإمارات فقط، بل يثيرون البلبلة هنا في المملكة، فديدنهم هو خلق الفتنة، ومعارضة القرارات التنموية للدولة، وقلت له بوضوح تام إنّ الوطنيين السعوديين يكتبون ضد هؤلاء، وأننا لا نفهم «التساهل» معهم، مع كل الدلائل التي تشير إلى تخصصهم ببث الفرقة، ومعارضة الدولة، والإشادة دوماً بدول أخرى، عرف عنها دعمها للتنظيم الدولي للإخوان، واستقطاب كوادره في الخليج!.
قبل ذلك بمدة، كنت في لقاء مع صحفي غربي صديق، وأثار ذات التساؤل، مستغرباً من تجريم بعض جماعات الإسلام السياسي، وفي ذات الوقت عدم محاسبة رموز تلك الجماعات، والتي تكتفي بالتحريض، ثم تتلون، وتشجب بعد كل حادث إرهابي، وذلك على رغم القناعة بأنّ محاربة الإرهاب تتطلب القضاء على الجذور، لأنّ الأوراق تتساقط، ثم تنبت مرة أخرى، طالما أنّ الجذور (المحرضون) تبقى سليمة، وكل من يتابع وسائل التواصل، يقرأ ما يكتبه المغرد المضطرب عن مصر والإمارات، ولا يخفى أنه هو و «مجنون تويتر «، المتخصص في الحرب على الوطنيين، وتفكيك خطابهم، ووصمه بالتصهين، ومعهم زمرة لا بأس بها، مجرد تروس في ماكينة التنظيم الدولي للإخوان، يتلقون أوامرهم من جهات قريبة وإقليمية، وتصب جهودهم في مصلحة أعداء هذه البلاد، وإلا كيف يفسر هجومهم على دولة الإمارات، والتي استشهد مجموعة من خيرة جنودها وضباطهــــا في حربنا المصيرية في اليمن؟!!.
حسناً، عندما تكتب أكاديمية حزبية، وتثير المجتمع ضد برنامج الابتعاث، وهي خريجة أرقى الجامعات الأمريكية !!، وعندما يكتب حزبي شهير معرضاً بالابتعاث، ثم يتبين أنّ ابنته تدرس في جامعة أمريكية، وعندما تطالب ناشطة حزبية بوقف الابتعاث، ثم تطلب من متابعيها، بعد أسبوع، أن يدعوا لابنها المبتعث بالتوفيق !!، وعندما يطالب داعية شهير بإطلاق سراح السجناء كبادرة مصالحة !!، مع أنّ بعضهم محكوم شرعاً بجرائم كبرى، فهل يعني هذا « التناقض الفاضح « أنّ هؤلاء الحزبيين يسعون إلى صلاح المجتمع، أم إلى بث الفرقة والفتنة، ومحاربة برامج الدولة التنموية ؟!!، ومع ذلك فإنّ هؤلاء الحزبيين لا زالوا يتصدرون المشهد، دون حسيب أو رقيب، مع أنهم هم « الجذور « لكل منتجات العنف والإرهاب، وثمة تساؤل: « ألا تعتبر الدعوة للجهاد والمطالبة بإطلاق سراح السجناء على ذمة قضايا الإرهاب افتئاتاً على ولي الأمر، صاحب البيعة الشرعية ؟!، أوَليس هؤلاء الحزبيون يخالفون ببمارساتهم الحديث الصريح ( وألا تنازعوا الأمر أهله ) ؟! «، ثم علينا أن نتذكر أنه إذا لم تتم محاسبة هؤلاء المحرضين، فإنهم سيعودون إلى « الافتئات « ، فهدفهم الحقيقي هو أن يتدرب الشباب على السلاح في أماكن الصراعات، ويستسهلوا القتل، ويدمنوا العنف، وبالتالي يكونوا « جنوداً « جاهزين لتنظيمات الإسلام السياسي، والتي تسعى إلى شيء واحد :» كرسي السلطة «، فهل نتحرك قبل فوات الأوان؟!! .