د. أحمد الفراج
لا جدال في أن مرحلة رفع منزلة الصحفي، والكاتب، والمثقف الأجنبي، والعربي تحديدا، فوق منزلة نظيره الخليجي قد خفت عن ذي قبل. هذا، ولكننا لا زلنا نشهد كل طقوس التكريم لثلة ممن يطلق عليهم «كبار الكتاب العرب»، فلا زال هؤلاء يتحدثون عن شؤوننا بما يوحي بأنهم أقرب إلى دائرة صنع القرار من نظرائهم الخليجيين، وغني عن القول إن بعضهم يحصل على رواتب ضخمة جدا من صحف خليجية، ويخيل للبعيد عن المجال الإعلامي أن هؤلاء من فلتات الزمان، وأنهم مخلصون، مع أن الواقع يقول غير ذلك تماما، فهم منغمسون في ثقافة الستينات الثورية، كما أن معظمهم لا زال يؤمن بالتفوق، وينظر نظرة دونية للخليج وأهله، وبالتالي فإنهم ينظرون نظرة دونية لنظرائهم الخليجيين، وقد كنت شاهدا على ذلك!.
هناك كاتب تفتح له كل الأبواب المغلقة في الخليج، ولا يجد حرجا في أن يتحدث عن ذلك في مقالاته، من باب الفخر بكل تأكيد، وقد جمعتني به مناسبة عند صديق مشترك، وكنت متحفزا للقاء هذا المفكر الكبير، كما أوهمنا لزمن طويل، وقد صدمت بأنني أمام شخص لا تعادل ثقافته معشار ثقافة أحد المثقفين الخليجيين، كما أنه يتمتع بغرور لا تخطئه العين، ومن الواضح أنه، ورغم كل محاولات المجاملة، لم يستطع كبح جماح حقيقته، عندما يتعلق الأمر بالخليج وأهله، كما أنه لم يجد حرجا في الحديث بما يشبه الإيجابية عن بشار الأسد، رغم موقف دول الخليج الرسمي من نظام بشار، وللأمانة، فقد اعتقدت، في لحظة معينة، أنه يعاني من الخرف، ولم يكن هذا رأئي وحدي، بل رأي معظم من حضر تلك المناسبة، وهو ليس الوحيد في ذلك، فزملاؤه لا يختلفون كثيرا عنه، ولكنهم ربما يجيدون حياكة المجاملات بشكل أكثر رقيا!.
إن مثل هذا التفاوت في تقييم وتقدير المثقف الخليجي ونظيره العربي أصبح مثار جدل كبير عند المثقف الخليجي، وهذا ليس مرده الرغبة في المال أو الجاه، بل حقيقة أن معظم هؤلاء المثقفين العرب، مثل صاحبنا أعلاه، قد تم تقييمهم فوق ما يستحقون، وبالتالي فتحت لهم كل المنافذ، وفي المقابل تم تجاهل المثقف الخليجي، رغم كل ما يحمله من فكر، ورغم ولاءه وإخلاصه، وقد أدى هذا إلى اعتزال بعض مثقفي الخليج للحياة الإعلامية، أو الهجرة إلى حيث يجدون التقدير المستحق، وكل ما نقول هو أن الوقت قد حان للثقة بابن الوطن، ليس لأنه ابن الوطن وحسب، بل لأن الشواهد تشير إلى أنه أفضل تأهيلا، وأكثر إخلاصا ممن تم استقطابهم كأصدقاء، مع أن معظمهم لا زال ينظر للخليج على أنه ماكينة صراف آلي، ينتظر أن ينفذ ما بداخلها، ليرحل إلى ماكينة صراف أخرى، دون التدقيق في مسألة المبادئ والقيم التي تحكم العلاقات الإنسانية، فهل حان وقت إعادة التقييم ؟!، نتمنى ذلك !.