د. أحمد الفراج
أصدرت محكمة ليبية حكم الإعدام رمياً بالرصاص على سيف الإسلام القذافي، وهو الحكم الذي عارضته هيئات حقوق الإنسان، والأمم المتحدة، وكلنا نعرف اليوم ملابسات «التثوير الليبي»، إذ تمت خديعة كل العرب، وصفقوا لحلف الناتو وهو يقصف ليبيا، وهو القصف الذي دشنته الولايات المتحدة بصواريخ سكود، ثم تركت باقي المهمة لفرنسا، وبريطانيا، واكتفت بالدعم اللوجستي، وقد كان بني يعرب أكثر حماساً لتدمير ليبيا من أوباما، ونيكولاي ساركوزي، وليفي، وغيرهم من قادة التثوير الليبي، والعجيب هو أن الشعب العربي الذي صفق للناتو، وهو يدمر دولة عربية مسلمة ومستقلة، هم ذات العرب الذين دميت قلوبهم على قصف العراق، وتدميره، ومن ثم احتلاله، وتسليمه لعملاء إيران، ونعرف الآن أن ذلك لم يكن خطأ إستراتيجيا من أمريكا، بل مخطط تم تنفيذه، وما زلنا نتابع فصوله بذهول، خصوصا ما يتعلق بتنظيم داعش، وموقف الغرب، وبالذات أمريكا منه!
لست هنا في معرض الدفاع عن سيف الإسلام القذافي، ولا عن والده الطاغية، ولكن استوقفني حقيقة أن من حكم على سيف بالإعدام، في محاكمة مشكوك فيها، هم أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الليبي، أو القاعديين، إن شئت الدقة، من أمثال عبدالحكيم بلحاج، وأضرابه، وهؤلاء كانوا في سجون معمر القذافي، ومعظمهم محكوم بالإعدام، وقد بذل سيف الإسلام جهوداً عظيمة، ووساطات لدى والده من أجل العفو عنهم، وهو الأمر الذي تحقق، وليس سراً أن معمر كان يعد نجله سيف الإسلام لخلافته، وقد كان إطلاق سراح هؤلاء المحكومين جزءاً من خطة إصلاحية كبرى، يقودها سيف الإسلام، وجدير بالذكر أن هذه الخطة كانت تشمل إصلاحات اقتصادية، ومخططات تنموية، وقد قابل عبدالحكيم بلحاج ورفاقه مبادرة سيف الإسلام بالنوايا الحسنة، عندما كان في السلطة. هذا، ولكن ما أن قرر هؤلاء «الحثالة» أن يكونوا عملاء لحلف الناتو، ونجح الحلف في إسقاط نظام القذافي، حتى غدروا، وعضوا اليد التي أحسنت إليهم، وها هو الحكم بالإعدام من نصيب سيف الإسلام، والله وحده يعلم عن حجم التعذيب، والإهانات التي لاقاها، منذ القبض عليه، وقطع أصابعه، ومن ثم سجنه في الزنتان!
كان معمر القذافي واحداً من أشرس الحكام، وأكثرهم ديكتاتورية، ولا ندري عما إن كان نجله سيف سيكون نسخة منه، فيما لو خلف والده، أو أنه سيكون إصلاحياً مختلفاً، فالآراء تختلف بهذا الخصوص، ولكن المؤكد - وبعد تعري حقيقة التثوير العربي «الأوبا-إخواني» - هو أن المواطنين الليبيين، حسب ما قال لي بعضهم، يتمنون عودة حكم معمر القذافي، على الرغم من ديكتاتوريته وجنونه، أما سيف الإسلام، فإنهم يقولون إنه سيكون ملاكاً في ظل مقارنته بالميليشيات الإرهابية، التي تسيطر على ليبيا حالياً، ومع ذلك فإن هذا يظل حلما بعيد المنال، لأن ليبيا الدولة ربما تكون قد انتهت إلى الأبد، ويا سيف الإسلام القذافي: «ما هو شعورك وأنت ترى المساجين الذين أطلقت سراحهم يغدرون بك، ويحكمون عليك بالإعدام؟!!»، وأظننا نعرف الجواب!!