رقية الهويريني
برغم التضييق الذي تفرضه الأنظمة الحكومية في بلادنا على المرأة بحلها وسفرها، بحيث يتطلب سفرها موافقة ولي أمرها وليس المحرم فحسب! وتنبيهه برسالة جوال عند خروجها من البلاد! وفرض وجود معرّف لها حتى بوجود الهوية الوطنية؛ إلا أنّ إحدى المواطنات استطاعت السفر برفقة أولادها الثلاثة القُصَّر خارج البلاد وبالتحديد إلى تركيا ومن ثم انضمت إلى تنظيم داعش الإرهابي!
توقفت أمام أمرين، أولهما مدى مقدرتها على الخروج، وقوة أعصابها على الزج بأبنائها في أتون الخطر، وثانيهما قدرة هذا التنظيم على جذبها إلى أحضانه!
أجدني في حيرة من أمري وأنا ما فتئتُ أدافع عن حقوق المرأة السعودية في الخروج من عباءة التبعية المقيتة التي يفرضها الرجل ويباركها القانون، بحيث لا تستطيع السيدة السعودية مهما كانت مكانتها أو منصبها الوظيفي أو المالي أو حكمتها أو سداد رأيها أن تستخرج جواز سفر، ناهيك عن السفر دون موافقة صريحة من وليها! وقد كتبت عبر سلسلة طويلة عدداً من المقالات أتساءل فيها عن الفترة الزمنية التي يمكن أن تستغرقها المرأة السعودية لتبلغ سن الرشد! وطالبت بتحديد بلوغ سِن زمني لها مهما طال! فوجدت أنه حتى بوصولها لعمر المائة لا يخوّلها لبلوغ سن الرشد! فهي بحاجة دائمة لموافقة الولي في دخول المدرسة والجامعة والانخراط في العمل وحتى عند إجراء عملية جراحية، وحال سفرها وعند حضانة أبنائها، وكذلك لشراء أرض حتى ولو كان الولي حفيدها! وأخشى أن نصل لطلب موافقته للصلاة عليها بعد موتها أو عند دفنها! فكيف خرجت داعشية ساجر إلى مواطن القتال والفتنة؟ وهل بلغت سن الرشد حتى استطاعت بكل راحة بال تخطي كل الحواجز؟!
وهل ما فعلته هذه الدرة المصونة والجوهرة المكنونة ـ بحسب فكرها ـ صحيحاً حتى يتغاضى المجتمع عن فعلتها باختطاف أبنائها القصّر ودخولهم مكاناً يحف بالمكاره والخطر؟ وهو ما لا تستطيع القيام به امرأة عاقلة بالسفر مع أبنائها لبلاد آمنة للتنزه والترفيه والعودة بهم سالمين! وقد تجد رفض المجتمع واستهجانه!
وعلى جانب آخر يأتي السؤال المحير: ما هي إمكانيات داعش ومغرياتها لتجذب تلك المرأة وأولادها؟ وما ذنب هؤلاء الأطفال لتكون هذه القاصرة أمهم؟ وكيف منحها وليها إذناً؟ وكيف استطاعت نيل ثقته وهي ذات فكر بشع؟
ولئن سنّت الحكومة نظاماً وقانوناً عاقبت به جميع النساء بسبب قيام امرأة في وقت سابق باستغفال أسرتها والسفر للخارج، إلاّ أنّ هذا الإجراء الظالم لم يحِل دون سفر إرهابية وانضمامها لتنظيم خطير يهدد أمن بلادنا واستقرارها!