د. خيرية السقاف
لست هنا لأزيد عما يعرفه، ويدركه القارئ الحصيف الجاد، ذو الرؤية، والمنطق بأن حجة المسلم دستوره.
وليس من عاقل يقول إن التعليم العام يمضي في خط، وتعليم القرآن الكريم، وتدبره، ودرسه يمضي في خط آخر، بحجة أن لهذا الكتاب المقدس مدارسه ومختصيه، فأيضا إن لجميع العلوم مختصيها، والعارفين بها، والدارسين لها، والمعلمين علومها وأقسامها...
إذ ليس هناك مدارس مستقلة للرياضيات، ولا أخرى للتاريخ، ولا ثالثة للعربية، ولا رابعة للفيزياء، ولا سواها لبقية العلوم المختلفة تجريبية، أو نظرية، أو تطبيقية.
فالتعليم العام يقوم على تدريس, وتعريف الطلاب بمختلف أشكال, وأنواع خبرات ومعارف جميع العلوم التي يهدف من مقرراتها الإلزامية, وما يتضمنه محتوى مقرراتها التي تعد فيتلقون في مدارسه أسسها ويخبرونها, ويتعاملون مع طبيعتها لتتجاوب ملكاتهم, وميولهم, وقدراتهم معها, فيأخذون مستقبلا مسارا في أيها يتفق منها مع ما يقابلها لديهم, ويتبحرون من ثم فيها, ليوظفوها في منجزهم المستقبلي من جهة, ولأن يتكون لهم رصيد من المعارف, والخبرات العامة, ما يمهرون معها الرئيسة منها, كلغة الكتابة والقراءة, والتعبير, وكذلك يوظفون قيم المعرفة في سلوكهم, ولأن كل هذا ضرورة يؤديها التعليم في مؤسساته, فإن لا حاجة لفرد أكثر حاجة من توظيف قيم الخبرات التي يتضمنها كتاب الله, وأحاديث رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام فيما يتلقى عنهما, ومن ثم عن درس الفقه للحياة, والتوحيد للعقيدة, والسيرة الشريفة للاقتداء..
لذا فإن كتاب الله هو المصدر والمرجع الأساس والرئيس في التعليم العام، ومن شاء أن يبحر وأن يغوص في مسارات علومه فيما بعد فله مستقبل الاختصاص فيها,..
لقد جاء قرار وزير التعليم بإنشاء فصول لحفظه خطوة تصحيحية لواقع فجوة فراغ في شأنه جلية في التعليم العام، ولتكن خطوته القادمة في قرار مماثل باستحداث مقرر تتدرج محتوياته مستقل عن سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام،..
إن هذه الفصول ستكون المرجع الأول للناشئة للإجابات عما يعترضهم خارجها من مؤثرات أسئلة مربكة لا يعرفون إجاباتها، وإنها مصنع النور الذي سينبثق في صدورهم، وعقولهم ليشد عضد ثقتهم في دينهم، ونصاعة نهجه، ومنهجه.
وهي الأمانة التي على عاتق الوزير، ثم من وضعها على كتفهم من مدراء التعليم, وهو الوعي بحاجة النشء المسلم في بلد الإسلام, وهو الدور الذي على الأسرة أن تعضده, وتسنده, وتتفاعل معه..
إن تعليم القرآن العظيم، وتدبره، وحفظه زيادة في فرص التمكين من كفايات المعرفة، معينٌ على تحقيق أهداف البناء للبنية النفسية، والعقلية، والوجدانية، والقيمية للنشء، الذين هم عناصر المجتمع المستقبلية الفاعلة.
لقد عز الله المسلمين في أحرج فترات التأسيس بالقرآن، المعجز العرب بلسانهم، الحجة لهم عند الفرس والروم, بل حيث ساروا فظفروا في أقطار المعمورة, إذ كان نورهم, عدتهم, وعتادهم, درعهم, وجناحهم...
لا غير..
يبقى التنفيذ منوطا بالإجراء..
ويبقى المسؤول أمينا للتنفيذ..
ويبقى كتاب الله هو القرآن المحفوظ,..
نسأل الله أن لا يغيب نوره عن الصدور لتنصع السطور، وعن العقول لتقوى الحجة فينبلج القول، وعن اليقين لترقى الأفعال، وينصع السلوك، وتعف الضمائر فتصفو المشارب.
فالله الله إنه الوقت الذي فيه يحتاج النشء الدارس لحكمة القرار.