د. خيرية السقاف
الكتابة جدول يتدفّق لروح كونية كامنة..
ترى بعين بالغة الدقة، وتلمس بحسٍّ متناهٍ في الشفافية،..
وهي حين تكون كذلك تذهب في العمق، ولا يصب وريدها في السطح أبداً..!
بمثل ما يكون كاتبها مستَـفَـزَّا بتفاصيلها، بمثل ما تتطلب قارئاً مدركاً
لإشاراتها.. مستقبِلاً بوعي لقطراتِها، قادراً على استيعاب تفاصيلها..، وفض مكنونها، وبلوغ أبعادها..!
الكتابة وهجٌ، وصوت، ونبض، وشهيق، وزفير...، ركض، ورسم، وابتكار، وتجديد، وفحص..
الكتابة مصباح، وجناح..!!
فهي ليست رصيفاً، ولا مقعداً، ولا طاولة مستديرة، ولا ثوباً صقيلاً..،
ليست مكافأة ثمينة، ولا مجاملة مرضية، ولا منصّة مبهرجة..!
الكتابة عرق، وطين، رغيف، وعجين، وريد، وتنور...
سهر طويل..، ونهار مضنٍ..
الكتابة قلب واجف..، وعقل نازف..، وحسٌّ راعف..، وحرف كاشف..!
هي معيار، وقيم، صوت، وصمت، صبر، وتفانٍ، منهج، ومسلك، خُلق، وأدب، ظهر، ونسب.. ونُبل، وعفة..!
الكتابة أصل، وسجية، وموهبة، وعلم..، وخبرة، وذوق..
الكتابة قائد مركبة، وفارس جواد..
ليست حذاءً عالياً باذخاً، ولا خاتماً مذهّباً لافتاً، ولا قلماً مفضضاً، مذهباً، ولا سوطاً وعصاً، ولا هيئة مباهاة مستميلة..، ولا وجهاً بشوشاً جاذباً..!!
الكتابة ليست حالة مع الريح، ولا أنيناً مع الطاعن، ولا ضحكة مع الضاحكين..
هي رسالة نفسها،...!!
هي بعد هذا تجربة، ومحك، وثقة، ومنزلة..!
تأبى الدخلاء..، وتفضح الطفيليين..، وتنعم باليقين..!!
إنها تفاصيل كثيرة دقيقة لكل مفردة من مفرداتها هذه..
) ) )
بهذه السطور أكون قد أمضيت معكم عاماً مع الكتابة، آمل أن أكون قد أوفيت لها ما استطعت من حقها بما تستحقونه قرّائي الأعزاء منها..،
كنتم نِعم الرّفقاء، وأصدق القرّاء..، فالكتابة لكم، وأنتم أوفى من يقرأ..
سأستظل برمضان، وأدعو الله لكم أن تكونوا، وأكون فيه من العاملين الناجين الكاسبين..
وأن يكشف الله فيه عن المسلمين جميعهم حيث يكونون الشر، ويصرف عنهم المضرّة، ويلهمهم الصواب، ويكون لهم الحافظ الأمين..
ونعود إن شاء الله بعد عيد الفطر..، إن قدَّر الله لي العودة بما هو آتٍ.
وكل عام وأنتم أعزائي بخير..