د. خيرية السقاف
الشروخ الصغيرة إن لم تعالج تتفاقم..
كالثقوب المنمنمة حين تُترك تتسع..
وككل شقٍّ يسيرٍ لا يُرتق يصبح مُنزلَقاً...
هي هذه أخلاق الإنسان في سلوكه...!!
فرجل الأمن الذي يُتطلب منه أن يكون قدوة، ينبغي منه أن يطبق النظام قبل غيره، فلا يعكس مساراً، ولا يتخذ منفذاً أقرب لسيره وإن كان مخالفاً للاتجاه، ولا يسرع ويتخطى بعنوة، ولا يسير دون حزام الأمان..، ولا يُماطل في تنفيذ واجب، ولا يحابي أحداً عن آخر، كذا لا يستغل حصانته فيستفز أحداً، أو يتجاهل آخر...!!
إنه قد ينجو بحجة، لكنه في عيون من يراه لن يفعل..
كذلك المعلم الذي يتطلب منه صناعة المبادرات، وحفز الهمم، وصقل العقول، وتمكين المواهب، والقدرات في تلامذته، ومريديه، لا ينبغي أن يستعجل في تقديم المعرفة بالتلقين، وبالحشو، وبتقسيم محتوى المادة العلمية بالمسطرة على عدد الحصص، فقط ليكون مثالياً أمام الإشراف، والإدارة.. فلا يُبقى له أثراً، ولا يصنع نتائج ذات أثر..،
وكأن المضمار لمن يحمل أسفاراً، ولا يدري ما الذي فيها..!
كذلك الطبيب، والتاجر، وكل من له مساس بالتعايش اليومي مع الآخر عليه بنفسه بدءاً، وانتهاءً..
يرتق الشق، ويسد الثغرة، ويعالج الشرخ..كيلا تتشظى قيم التعامل، وتتهاوى صروح القيم، وتتردى سلوكات التفاعل، مع النفس، ومن ثم مع الأفراد..
فرجل الأمن مسؤول مباشر عن تطبيق النظام، ويكون البدء منه به..
والمعلم مسؤول عن صناعة العقول، وتمكين الخبرات، فيبادر لدوره، ويأمن عليه من ضعف نفسه..
والتاجر من الإبرة في ميسم، وجمل في مرعى إن لم يكن أميناً، وقنوعاً فتك بالناس جشعاً، وألحق بهم خسارة، لم يستوف الكيل.. ولا يبلغ المكسبَ الأخير..!
والطبيب، إن لم يصدق لكل حالة عناية، ودقة، ووقتاً ذهبت صحة الأبدان، ومرضت عافية النفوس..!
وكلٌ مثل هؤلاء في ميدانه مسؤول عن نفسه، أولاً ثم عطائه..
فجلسةٌ عند زاوية المسراب إلى الذات..، يهبها كل واحد لنفسه ليراجع نفسه..،
فيرتق، ويبلسم، ويعالج، ويردم، وينهض واقفاً على قدمي صدق، وعزيمة إتقان، ونية عزم أن يكون أول من يُقتدى به في مضماره..!!