جاسر عبدالعزيز الجاسر
أن يجتمع عادل جبير وزير خارجية المملكة بجون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة ولافروف وزير خارجية الاتحاد الروسي، وهو الاجتماع الذي تم أمس في قطر، فمعنى هذا أن أزمات المنطقة طرحت على الطاولة أمام الوزراء الثلاثة الذين يمثلون أهم القوى الدولية والاقليمية التي يمكن أن يؤدي تفاهمهم إلى ايجاد حلول لهذه الأزمات.
واشنطن وموسكو يعيان الدور السعودي المحوري في المنطقة، فحل الأزمة السورية، اضافة إلى معالجة الوضع الشاذ في اليمن بعد انقلاب الحوثيين وعدم التزام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بتعهداته، إضافة إلى ما يجري في ليبيا وحتى العراق عبر معالجة ارهاب داعش، جميعها لا يمكن أن تجد حلولاً دون مساهمة من المملكة العربية السعودية التي تشكل قوة سياسية واستراتيجية وروحية واقتصادية لا يمكن تجاوزها فضلاً عن تجاهلها، ولهذا فإن الدبلوماسية الأمريكية ونظيرتها الروسية اللتين يبدو أنهما تتجهان إلى إطفاء الحرائق المتناثرة في أرجاء العالم، ومنها الحرائق التي تشهدها المنطقة العربية، ولهذا اجتمع مهندسو الدبلوماسية الأكثر تأثيراً، فالتعامل المباشر بل وحتى التنسيق المشترك بين هذه الدول الثلاث أمريكا وروسيا والسعودية، أصبح ضرورة ملحة ستتحرك بموجبها العديد من القضايا ايجابياً، خاصة بعد بروز قوة التحالف العربي سياسياً وعسكرياً، والذي تقوده السعودية وتعززه وتناصره دولة الامارات العربية، وهو ما يعوض ضعف التنسيق وعدم التزام بعض دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي أظهرت عدم تجانس المواقف في قضية انقلاب الحوثيين في اليمن، واتخاذ احدى دوله موقفاً محايداً رغم تهديدات أمن احدى دوله، وهو ما أوجد شرخاً في الموقف السياسي لمجلس التعاون وتراجعاً في التنسيق الأمني وبالذات مع الدولة التي تغرد خارج السرب.
وبما أن مواقف دول مجلس التعاون ليست جميعها واحدة، وبالذات بالنسبة لقضايا اليمن وسوريا وليبيا والموقف من ايران، لذا كان لا بد من أن تتعامل المملكة العربية السعودية منفردة في تحديد مواقفها تجاه هذه القضايا، وبوضوح مع موسكو وواشنطن دون الاقتصار على ما تسمعه في الاجتماعات التي تضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزيري خارجية أمريكا وروسيا، فالمملكة التي تقود التحرك العربي وليس الخليجي فقط الذي يحاول البعض التفلت منه، تعلم وتعرف ما تريد أن تفعله لتدافع عن مصالح المنطقة، ومصلحة المملكة قبل كل شيء، وهي تقوم بما تمليه عليها موقعها وقيمتها الاستراتيجية والروحية والسياسية ولا تنفذ دوراً يرسمه لها الآخرون، وحتى ما تقوم به تحرص على أن يحظى بموافقة وتفاهم الدول الأكثر استعداداً لتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن مصالح المنطقة، ولهذا فقد حرص السيد عادل جبير وزير الخارجية على التوجه إلى أبوظبي لوضع قيادة دولة الامارات العربية في أجواء ما سيطرحه في اجتماعه مع وزيري خارجية أمريكا وروسيا.