عبدالحفيظ الشمري
انطلاق أولى تجارب المخيمات السياحية التي دشنتها «الهيئة العامة للسياحة والآثار» قبل فصل هذا الصيف، تعد فرصة مناسبة، وفكرة مهمة في بناء علاقة جديدة تدعم المشروع السياحي في بلادنا، ولعلها تخرجه من نمطية أو مألوف ما يراد له في كل عام؛ كأن يكون مجرد حضور عادي، وتناول سطحي لفكرة السياحة والترفيه، دون تطوير لمفاهيم العمل السياحي الذي يتطلب كمرحلة أولى اندماج المفاهيم الثقافية والتاريخية والتراث والحضارة والترفيه والتسوق في قالب متجدد، وطرح شيق، وبرامج ترويحية ذات أهداف جميلة.
فالمفهوم النمطي المألوف عن المخيمات استهلك كثيراً، وربما في حال مهرجانات صيفنا أحلى وهذا أغلى، وذاك أعلى.. وما إلى تلك المترادفات التي تكررت باسم المهرجانات الصيفية، إلا أن ما غلب عليها هو النمطية والتكرار، وتشابه الأنشطة حتى باتت هذه المشاركات مملة وغير مجدية.
فالمخيمات السياحية لدينا وبشكلها ومفهومها الجديد يجدر بها أن تكون مواكبة للتحول النوعي في حياة الناس، لا سيما في مجالات ومواقع الاستجمام كالشواطئ على البحر الأحمر والخليج العربي، حيث تجد الكثير من الشواطئ والجزر في بلادنا بحالة بكر، ولتكون المخيمات السياحية هدفاً من أهدافها، ولا ننسى كذلك المجالات التراثية، والمدن الأثرية، والبيوت والأحياء القديمة، والمزارع التقليدية التي لا تزال تحمل ملامح الماضي.
لكن يجب أن يعمل الجميع على خلق رؤية سياحية مناسبة، تسعى إلى تبسيط العمل أو المفهوم السياحي وترتقي به، فالمفهوم العالق في أذهان الناس عن السياحة أنها رؤية خاطئة يراد فيها المساس بثوابتنا وعاداتنا، بينما ما نقوم به من تنقلات وسفر وزيارات وحضور مناسبات للأهل والأقرباء في الكثير من مدن بلادنا وقراه هي من قبيل السياحة المحلية، لكن الأجدى هو تحرير خطابها المفاهيمي لدى الناس وعرضه بأسلوب مقنع.
وحينما نعود للحديث عن الشواطئ والجزر البحرية فإن من المهم وجود خطة عمل متكاملة توجه مثلاً نحو شواطئ البحر الأحمر من بلادنا، وليكون فيها تفاعل إعلامي، وتوجيه تسويقي ورعايات تجارية، وتوفير لمتطلبات الرحلات والتنزه.
وحينما نذكر رحلات الاصطياف كنا لا نزال نتذكر نمطية مفهوم (التنشيط السياحي) الذي ربط للأسف بمنطقتين أو ثلاث مناطق من بلادنا فقط. في حين أنه حينما تأتي الممارسة ويذهب الناس يفاجأون بخلوها من أي مقومات ترفيهية وقيم سياحية، وحتى ندرة السلع التموينية والأطعمة، ونقص واضح في الأماكن المهيأة للمخيمات، ليصل سعر الخيمة تحت شجرة مليئة بالحجارة نحو (ألف أو ألفي ريال) وهذا خطأ فرضه نمط أو شماعة (التنشيط السياحي) الذي نأمل أن يتوقف العمل به، وأن تنفتح الرؤية السياحية نحو كل مناطق المملكة البحرية والبرية والتراثية ومدن الآثار، لنعزز في هذا السياق مفهوم التنوع السياحي، ومصادر جذب المتنزهين.
فالمخيمات السياحية بمفهومها الجديد ومن خلال مشروع هيئة السياحة والآثار لا شك أنها فكرة رائدة، وخطوة في الطريق الصحيح، لتوسيع خصوصية خطاب السياحة والتراث.. أي أن تكون كل المناطق في بلادنا وجهات سياحية، وفي مختلف الفصول، ووفق المناخ والطقس القائم لكل منطقة.. وسفراً سعيداً وسالماً للجميع.