إبراهيم عبدالله العمار
الجاذبية الشخصية والتي تُسمى باللغة الإنجليزية «كاريزما Charisma» هي من الفنون التي صنعها البشر. هناك فنون رياضية، أو فنية، أو عملية، والكثير غير ذلك، ومن صنائع العقل البشري هذا الفن النفسي الذي يجعل الشخصية لافتة للانتباه ومؤثرة في الناس. كل القادة الدينيين والسياسيين والثقافيين .. أي قائد وصانع تأثير في التاريخ البشري حَظِي بنوع من الجاذبية، والبعض أتقنوا هذا الفن أكثر من غيرهم، ولولا الجاذبية لما اكترث أكثر الناس بالشخص وكلامه حتى لو كان كلامه صحيحاً. البعض يستخدم جاذبيته في الخير، والبعض في الشر، لهذا فالجاذبية هي أداة وليست مرتبطة بأي من الجانبين، وهي على ما تُستخدم به.
للجاذبية عناصر، وهي ليست فناً فقط بل هي علمٌ كامل يُدرس ويُدرّس، وأتى كتاب «خرافة الكاريزما» بمبادئ الجاذبية بالتفصيل، ومما أعجبني في الكتاب هو الجزء الذي يناقش الإنصات، حتى أنه يقول إنه يمكنك أن تبهر الناس بمجرد بالإنصات التام والمهتم. أولاً: يجب أن تكون حاضراً أثناء الإنصات. البعض يسمع لكنه لا ينصت.. باله مشغول وتفكيره في مكانٍ بعيد.. أذنه تسمعك لكن الكلمات لا تصل لعقله المنشغل أو المتشاغل. الحضور هو إعطاء الانتباه لمن أمامنا وعدم السرحان والتشاغل والتفكير بأشياء أخرى. من أسوأ معايب الاستماع في هذا العصر هو أن يمسك الشخص هاتفه المتنقل ليرى الوقت أو يقرأ رسالة نصية أو حتى يرد على مكالمة غير ضرورية.
ثانياً: لا تقاطِع. أحياناً تشعر برغبة في المقاطعة لكي تبدي رأياً أو اعتراضاً أو تأييداً أو معلومة إضافية تظن أنها تدعم كلام من أمامك، لكن لا أحد يحب أن يُقاطعه أحد، ولو كان ذلك للمساعدة أو التأييد. أحدهم يقول: «حصلت على عدة عروض عمل فقط لأني تركت المقابِل يتحدث بحرية تامة». من طبيعة الناس أنهم يحبون الكلام وأن يسمعوا أنفسهم يتكلمون. لا تقاطع أبداً حتى لو قاطعك محادثك، وحتى للموافقة المتحمسة لا تقاطع.
المستمع الجيد لا يقاطع أبداً. المستمع الممتاز يسمح للناس بمقاطعته حتى لو ضايقه هذا. أما المستمع الأفضل على الإطلاق فهو يعرف طريقة إضافية، وهي بسيطة لكن تأثيرها بالغ ويجعل الناس فعلاً يشعرون أنك سمعتهم وفهمتهم، وهي أن تتوقف قليلاً قبل الإجابة، وطريقتها الصحيحة: 1) ينتهي الشخص من كلامه. 2) تعابير وجهك تنبئ عن الاستيعاب والاهتمام. 3) فترة صمت ثانيتين. 4) تجيب.
إن إتقان الإنصات جزء هام من الجاذبية، ولكي تجذب الناس وتجعلهم يستمتعون بصحبتك فاحرص أن تطبق أكبر قدر ممكن من عناصر الإنصات السليم.