فضل بن سعد البوعينين
تمكنت الجهات الأمنية السعودية من إلقاء القبض على شحنة مخدرات ضخمة قادمة عن طريق البحر من إيران ومتجهه للجبيل. لم تكن الشحنة الأولى التي يتم ضبطها؛ فقد اعتادت الجهات الأمنية على ضبط كميات وأنواع مختلفة من المخدرات الإيرانية القادمة عن طريق البحر.
وقبل عدة أشهر؛ أحبطت الجهات الأمنية عملية تهريب مادة (RDX) شديدة الانفجار، وصواعق، في سيارة قادمة من مملكة البحرين عبر جسر الملك فهد.
إيران كانت بلد المنشأ؛ في الوقت الذي شكلت فيه البحرين بلد المرور. ألمحت السلطات الأمنية السعودية إلى أن المواد المتفجرة المستخدمة في حادثتي تفجير مسجدي القديح؛ والعنود كانت مشابهة لنوعية المتفجرات المضبوطة على جسر الملك فهد؛ دون أن تربط بينها.
وفي مملكة البحرين؛ أعلنت وزارة الداخلية يوم أمس الأول، عن إحباط تهريبِ كميةٍ من الموادِ المتفجرةِ والأسلحة والذخائر القادمة عن طريق البحر من إيران. السلطات البحرينية أكدت على أن أحد المقبوض عليهم تلقى تدريبات عسكرية، العام 2013 في إيران. تولى الحرس الثوري الإيراني التخطيط للعملية وتمويلها وتوفير مبالغ مالية لشراء قارب وسيارة لتنفيذ عمليات التهريب. المقبوض عليهم «أقروا بتورطهم في عمليتي تهريب سابقتين: الأولى في نهاية 2013، والثانية في مطلع 2014، من خلال قيامهم برحلات صيد، ومن ثم نقل المواد المتفجرة والأسلحة من قوارب إيرانية».
تدعم إيران تهريب المتفجرات والأسلحة والمخدرات؛ والعمليات الإرهابية الموجهة ضد دول الخليج؛ بهدف الإضرار بالأمن؛ وتفتيت المجتمع؛ وإثارة الفتنة الطائفية وهي تركز في عملياتها على السعودية والبحرين الأكثر تضررا وانكشافا على عملياتها القذرة. يشكل العملاء المجندون من السعوديين والبحرينيين أداة العبور للمتفجرات والأسلحة؛ في الوقت الذي يكتفي فيه الإيرانيون بتسليم تلك الشحنات في عرض البحر، تجنبا لخطر الانكشاف.
عمليات تهريب المتفجرات والأسلحة تكون وفق خطط محكمة وعمليات استخباراتية محددة سلفا؛ تتوزع فيها الأدوار بشكل دقيق ومنفصل عن بعضها البعض وفق آلية «الخلايا العنقودية». فعملاء إيران في البحرين والسعودية مسؤولون عن تهريب المتفجرات وإيصالها إلى مواقع محددة؛ ثم إخفائها وتركها؛ دون الالتقاء بمن سيستلمها. في الغالب؛ تكون مجموعة التنفيذ من مجندي تنظيم داعش الموجهين نحو أهداف تثير الفتنة الطائفية.
أحسنت وزارة الداخلية البحرينية في الإعلان الرسمي عن عملية تهريبِ المتفجرات والأسلحة؛ واعترافات منفذيها؛ ومسؤولية النظام الإيراني عنها. استفادت إيران كثيرا من عمليات التستر على أنشطتها الإرهابية خلال السنوات الماضية التي كانت تتم تحت عذر «المعالجة الدبلوماسية» أو «تجنب الإثارة»؛ واستفاد عملاؤها المجندون الذين يشكلون فيما بينهم الطابور الخامس من حالة الصمت الحكومية؛ وردة الفعل الناعمة تجاه عملياتهم القذرة.
أثبتت التجارب خطأ بعض الحكومات الخليجية في انتهاجها آلية «القوة الناعمة» في التعامل مع العمليات الإرهابية الإيرانية؛ ما أدى إلى تمادي الصفويين وعملائهم في الداخل. لو تم توثيق جميع العمليات دوليا؛ وتصعيدها قانونيا؛ وفضحها إعلاميا؛ ومحاكمة كل من له يد فيها؛ بعيدا عن التسامح والعفو؛ لما وصل حالنا إلى ما هو عليه اليوم.
عمليات الإرهاب المنفذة في السعودية والبحرين والكويت لا تخلو أبدا من بصمات الحرس الثوري الإيراني؛ بغض النظر عن انتماء منفذيها؛ فالمخطط الصفوي الصهيو أميركي بلغ مرحلة متقدمة جدا من الاحترافية القادرة على تحريك جميع التنظيمات المتناقضة لخدمة مخططهم الإستراتيجي وتحقيق هدفهم الأسمى وهو إحداث الفوضى في السعودية بغية تقسيمها. ما يحدث في البحرين هو جزء رئيس من المخطط الموجه ضد السعودية؛ بل ربما شكلت البحرين أهم مفاتيح الدعم للمتآمرين على أمن واستقرار المملكة، والخليج بشكل عام.
لا يمكن النظر للخطر الإيراني من خلال مشروعها النووي فحسب؛ بل إن مشروعها الإرهابي ومخططاتها المشتركة مع الغرب أكثر خطرا وتدميرا؛ ما يفرض على دول الخليج مواجهته بحزم وشمولية. التحركات الأحادية البحرينية ضد إيران لا تكفي للرد على عملياتها الإرهابية والعدائية؛ بل نحن في أمس الحاجة إلى اتخاذ موقف خليجي موحد. يفسر الصمت الخليجي من قبل الإيرانيين على أنه ضعف؛ و قبول بالأمر الواقع؛ ما يحفزهم على التمادي في تدخلاتهم و عملياتهم الإرهابية.
دول الخليج مطالبة باتخاذ مواقف حازمة من إيران؛ في الجوانب العسكرية؛ القانونية؛ الاقتصادية؛ والمالية. ومطالبة بالتحرك كمجموعة واحدة لمواجهة التدخلات الإيرانية في البحرين؛ وأي دولة خليجية أخرى؛ قبل أن تطال نيران الإرهاب والتفكك؛ دولا تعتقد ببعدها عن مناطق الخطر. الاتحاد الخليجي هو السور الآمن؛ والخيار الناجع لدول الخليج وشعوبها الباحثة عن الأمن والاستقرار؛ في مواجهة الإرهاب الدولي الذي يتزعمه الغرب وتنفذه إيرن في المنطقة.