ناصر الصِرامي
تقرير سابق أنتجته قناة آرتيِ ARTE، يؤكد أن مقاتلي داعش وجبهة النصرة، من مدمني مخدر أو عقار كبتاغون والامفيتامينات، الممنوعة في أغلب دول العالم.
التقرير تحدث فيه أحد المهربين عن رواج تجارة كبتاغون في البقاع والمناطق الحدودية مع سوريا، والإقبال الكبير الذي تعرفه هذه التجارة لدى داعش والنصرة وحتى الجيش الحر، استهلاكاً وتهريباً، والطلب على هذه العقاقير والمنشطات التي تساعد على مقاومة التعب، وتخلف أضراراً جانبية أخرى بسبب تنشيط الحواس بشكل مبالغ فيه أحياناً، وتهييج الرغبات الجنسية.
ووفقاً لعدد من التقارير الصحفية التي بثتها وسائل الإعلام، فقد عثر مقاتلون أكراد على كمية من الكوكايين في منزل أحد قياديي التنظيم في «كوباني». وأظهرت صور نشرتها صحيفة ديلي ميل البريطانية المادة البيضاء المخدرة التي تم العثور عليها في منزل قيادي بارز.
يشير العثور على كل تلك الكميات من مادة الكوكايين إلى تعاطي مقاتلي داعش مادة الكوكايين المخدرة، وهو ما يخالف أبسط مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي، بالإضافة إلى أنه يوضح المعايير المزدوجة لدى التنظيم خاصة في ظل الفيديوهات التي ينشرها التنظيم باستمرار عن إجرائه حملات أمنية بشكل دوري لإتلاف كميات من السجائر والدخان في أكثر من منطقة تقع ضمن سلطته..!
في بريطانيا قصة لشاب اسمه إين ديفيز، أصبح قاطعاً للرؤوس مع «داعش» في سوريا، بحسب وسائل إعلام بريطانية -غارديان أون صنداي، ديلي ميل-، ديفيز كان سائقاً لقطارات الأنفاق في لندن، ثم تحول إلى بائع للمخدرات، اعتقل في 2004 وسجن لعامين، وفيه اعتنق الإسلام وتحول إلى متشدد، ثم منحرف، فغادر إلى سوريا ليساعد مع «داعش» في قطع الرؤوس..!
مميزات نفسية للمخدرات وتجارها، تسمح لداعش مثلاً بالسيطرة على وحوشها، وتكشف السلوك الحيواني الذي يميز أغلب مسلحيه والمنتمين إليه، هذا ليس السبب الوحيد أو المبرر الوحيد لاهتمام التنظيم بالمخدرات، فأهميته الأكبر هي القيمة المالية، وضمان موارد مالية ضخمة مقابل كلفة تصنيع بسيطة، تجعل منه أحد أهم أسلحة داعش.
عصابات المخدرات القاتلة تقوم بغسل الأموال، أموال قذرة تحولها لنظيفة، تجار الإرهاب يقومون بغسل الأموال بشكل آخر.. تحويل الأموال النظيفة - التبرعات- إلى أموال قذرة لدعم الإرهاب والتهريب.
في هذا التناقض والمصالح المالية يلتقيان، يخدمان بعضهم في دائرة التحويلات المالية الكبرى من قذارة إلى نظيفة والعكس. دعم من الأدوات المنفذة للإرهاب، وتجاهل أو غباء بعض دعاة الضلال (الذين يحسبون أنهم يحسنون طمعاً..)!
ما الذي يجمع بين العقيدة الإجرامية لداعش وطرق تمويلها، بعصابات المخدرات في السعودية والعالم العربي..؟؟ كلاهما يغذي ويمول الآخر. حيث تستفيد عصابات المخدرات القاتلة من التنظيم السري للجماعات الإرهابية وفي مقدمتها داعش، ومن قدراتها اللوجستية في نقل المواد المتفجرة والأسلحة والأموال، فالإرهابي أو الداعشي -الأداة - ينقل المثير من الأشياء في عمليات التهريب ولا يدري طبيعة المواد لكنه يسلم ويستلم، (مثل الحمار يحمل أسفارا) - تجار وبارونات المخدرات يجدون في ذلك فرصة وغطاء لا ينافسه أي غطاء آخر.، ذكاء إجرامي فريد.!
وهو ما يتفق عليه هرم التنظيم الداعشي الباحث عن المال، لتحويل المال القذر إلى شرعي عبر المناطق التي يسيطر عليها. وعبر نقلها بكل الأشكال الممكنة بما فيها جهاد النكاح..!
تشابك مصالح معقد جداً، وسط دوائر مغلقة جداً، وخطرة في الوقت نفسه، وهنا يمكن لك أن تسأل من يقف وراء تجارة المخدرات في العالم، وفي منطقتنا تحديداً..؟!
إنه حبل سري مركب وصعب رؤيته في علاقة مصالح قذرة بين الإرهاب الداعشي الغبي، وبين إثراء تنظيمات في العالم، تجارة المخدرات والممنوعات مدعومة بدول..!