جاسر عبدالعزيز الجاسر
بقدر ما أسعدني القبض على 431 داعشياً في المملكة أرعبني هذا الرقم الكبير الذي يُظهر أن هذا التنظيم (أردنا أم لم نُرِد) متغلغل في صفوف أبنائنا. وأقول «أبناؤنا» بالذات؛ لأن جميع المقبوض عليهم من الشباب.
الأربعمائة والواحد والثلاثين داعشياً مرشحون للارتفاع؛ لأن المتابعة الأمنية والتحقيقات اللتان ستتواصلان حتماً ستزيدان الأعداد بعد أن يُضبط كل من له صلة بهذه الأنشطة الإرهابية الإجرامية. كما أنه بأسلوب التنظيم، وتوريط الشباب، وعدم اهتمام الأهل والأسر بمراقبة أبنائهم، لا بد أن يتورط أعداد أخرى من الشباب؛ إذ ما زلنا نعتمد على الدولة - وبالتحديد على أجهزة الأمن ودوائر وزارة الداخلية - في مواجهة كارثة تمدد نظام داعش. وحتى الوزارات التي من واجبها تثقيف وتعليم وتدريب الشباب لم تقم بواجبها على الدور المطلوب.
صحيح أن الشباب السعودي بدأ في فهم ما تسعى إليه القوى الإقليمية المعادية لبلادنا، وأنهم قادرون على فرز الطالح من الصالح فيما يردهم من رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي من يوتيوب وفيسبوك وتويتر وغيرها، إلا أنه في المقابل هناك فئة - حتى وهي قليلة، وقليلة جداً - متأثرة بما يردها من سموم ترسلها داعش من خارج الحدود. وهذه الفئة ورغم أنها قليلة إلا أنها خطيرة، خاصة إذ لم تقم الجهات المسؤولة بواجبها، ومنها وزارتا التعليم والشؤون الإسلامية ورعاية الشباب. ونحن نسأل هذه الجهات: ماذا أوجدت من برامج لتحصين الشباب؟ هل أقيمت مراكز للشباب لإعدادهم إعداداً وطنياً يحصنهم من هجمات الغزاة الفكريين؟
وزارة الشؤون الإسلامية ترعى وتدعم إنشاء ونشر مراكز الجاليات، وهو جهد مشكور، ولكن الأولى الاهتمام بأبنائنا وشبابنا بأن نهتم بهم، ونقيم لهم مراكز، ولكن ليس على غرار المراكز والمخيمات التي تفرخ إرهابيين جدداً. عليهم استنباط أساليب جديدة، تبعد الشباب السعودي عن شياطين داعش الذين ترسلهم لتجنيد شبابنا؛ ليكونوا وقوداً للعمليات الإرهابية الانتحابية.
رعاية الشباب ماذا فعلت للشباب؟ وهل دور رعاية الشباب تطوير لعبة كرة القدم، وأن تُصرف ملايين الدولارات لتوفير مدرب، بعد أن ذهبت ملايين أخرى لتعويض عقد مدرب فاشل آخر؟ في حين لا يوجد ولا مركز شباب واحد في أي حي من أحياء المدن.
الشباب يقضون أوقات فراغهم في الاستراحات والتجمعات التي تجعلهم صيداً سهلاً لمن يريد تجنيد الشباب.
ماذا فعلت وزارة التعليم التي من واجباتها أيضاً التربية؟ لأن شبابنا - وبصراحة تامة - يحتاجون إلى نشر الثقافة الوطنية بين صفوفهم، وإقناعهم بها، وزرع روح الإيثار والتضحية عن وطن وفَّر للشباب وأهلهم كل ما تتطلبه الحياة الكريمة.
مناهج وزارة التعليم والمعلمون يحتاجون إلى إعداد يجعل أبناءنا يلتصقون بوطنهم، ويعرفون أنهم بلا قيمة بلا وطن، مع أخذ الدروس والمقارنة بما يحدث في الدول المجاورة، وهي خير نماذج للاستعانة بها لجعل الشباب يؤمنون بأن من لا يدافع ويحب وطنه لا يستحق أن يعيش على أرضه.