جاسر عبدالعزيز الجاسر
بعض المحللين السياسيين ومنهم من هو خبير في طبيعة تفكير قيادات النظام الذي يمسك بزمام السلطة في إيران، يرون أن عقد اتفاق مع الدول خمسة زائدة واحد سيمكِّن نظام ملالي إيران من مواصلة التفاهم مع الغرب، وبالذات مع الولايات المتحدة الأمريكية التي قد تصل إلى مستوى عقد الصفقات التي تتيح لطهران إطلاق يدها لإعادة تشكيل المنطقة العربية.
ولأن نظام ملالي إيران يُعدُّ منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، هي الجدار الصلب الذي يحول دون تحقيق الأطماع العنصرية والمذهبية لملالي إيران، فإنَّ المخطط الذي وضعه علي خامئني بالتفاهم مع مستشاريه الذين يضمون أكثر العناصر الإيرانية القيادية تشددا، يهدف بالدرجة الأولى الى تفكيك مجلس التعاون لدول الخليج العربية بل وحتى تفكيك دوله وتأليب بعضها على بعض، مقابل بناء تحالف جديد أو تقويته مرتبط بنظام ملالي إيران سياسياً وأمنياً وعسكرياً.
ويكشف الوزير السابق علي ولاياتي مستشار علي خامئني عن الترتيب فيذكر كما قال الكاتب والخبير الإيراني المقيم في لندن أمير طاهري، ان التحالف الإيراني المخترِق للدائرة العربية سيركز في بداياته على تقوية سوريا عسكرياً والحفاظ وتحصين نظام بشار الأسد والإبقاء عليه، مع تعزيز نفوذ حزب الله في لبنان بحيث يكون لبنان جزءا من هذا التحالف بمدّه بمزيد من الأسلحة ودعمه مالياً بعد توفر الأموال، أما العراق فستكون إيران متنفذة تماماً بهذا القطر العربي سياسياً وعسكرياً وحتى اقتصادياً، ويهدف نظام ملالي إيران أن يكون العراق المحكوم من أحزاب جميعها موالية لولاية الفقيه مكملا لنظام إيران في تعزيز هذا التحالف الذي يزعم علي ولاياتي بأن هناك إشارات من الجزائر والقاهرة معاً بالرغبة في التعاون معه، إن لم تكن رغبة في الانضمام إليه.
في المقابل يعمل النظام الإيراني ودون لبس بالعمل على خلق الفرقة ومحاولة هدم مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقد بدأ في تحقيق بداية يمكن أن ينبني عليها بالتركيز على إبعاد سلطنة عمان عن وحدة وتماسك التوجه السياسي والأمني، حيث لوحظ أن السلطنة دأبت منذ فترة على اتخاذ قرارات تشذ بها عن دول المجلس، وآخرها عدم المشاركة في عملية الحزم رغم أن اليمن على حدودها ويهددها أكثر من دول مجلس التعاون، كما أن السلطنة تقوم بخدمات سياسية لنظام إيران تتعارض مع مصالح مجلس التعاون.
ونظام ملالي إيران يضع عينه على قطر لتشجيعها على التباعد عن إجماع مجلس التعاون، وحثها على اتخاذ مواقف قد لا تحظى بموافقة باقي دول مجلس التعاون.
الأخطر من ذلك سعي ملالي إيران إلى محاولة الفرقة بين أبوظبي ودبي من خلال تشجيع دبي على الانشغال بالمكاسب الاقتصادية والابتعاد عن الهموم السياسية، وترك أبوظبي للقيام بهذه المهمة مع التنصل عن أي التزام في إطار تقاسم المهام في دولة الإمارات العربية. أما الكويت فسيحاول نظام ملالي إيران استمالتها وأن تمارس حياداً، إِذا ما اندلع خلاف مع دول مجلس التعاون إن لم تميل إلى طهران، مستفيدة من نشاط النواب الشيعة في الكويت الذين يدعم بعضهم دون تحفظ نظامي طهران ودمشق كحال النائب عبد الحميد دشتي الذي يعمل بلا خجل لدعم بشار الأسد، تبقى البحرين التي ستعمل طهران على إشغالها بالأعمال الإرهابية والدسائس.
كل هذا لعزل المملكة العربية السعودية التي ترى إيران أنها الوحيدة القادرة على إفشال خطط ملالي إيران وهدم أحلام ورثة خميني الحالمين بإعادة أمجاد كسرى.