غسان محمد علوان
ربع مليار ريال أو أقل قليلاً، هي ديون عميد أندية الوطن (الاتحاد). مبلغ مرعب من العبث وصفقات الفلاشات والنهش في جسد هذا النمر الثمانيني الوقور.. كيف تراكمت؟.. وكيف تم السكوت عنها؟.. كل هذا في وادٍ، وحل تلك المشكلة في وادٍ آخر.
من يعتقد أن الاقتراض حلٌ لتسديد الديون، واهم.
ومن يعتقد أن إصلاح المشكلة يكمن في زيادتها، غارق في الحلم.
جميعنا كمتابعين آلمنا هذا الوضع احتراماً للعميد، ولكن التدخلات التي قامت بها الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتسهيل وضمان القرض الاتحادي من أحد البنوك هو فاجعة حقيقية وتشريع لبابٍ كبير جداً يصعب إغلاقه مستقبلاً.. فكل من ستتكالب عليه الالتزامات أو الديون سيتجه للرئاسة طلباً للفزعة.. وكل من يحمل على عاتقه مسؤولية إدارة نادٍ ما، سيتجاهل الأحكام والتحذيرات ودفع المستحقات لأن الرئاسة ستجد له حلاً فيما بعد.
الأندية ككيانات قائمة تتكون من عدة مكونات ومنها الأصول، وأكبر تلك الأصول هي اللاعبون وعقودهم والتي هي السبب الأول والأخير في أي مأزق مالي تصل له الأندية.. وإنقاذ أي نادٍ من مشاكله المادية يجب أن يبدأ بحل المشكلة ذاتها التي أغرقته في ديونه.
بيع اللاعبين حل.
عدم التعاقد مع لاعبين جدد حتى زوال الأزمة حل.
تحويل المداخيل لسد الديون وإعطاء الحقوق حل.
ولكن الرئاسة ابتدعت أمراً جديداً، في وضع استثنائي يتطلب العقلانية أكثر من الفزعة المضللة.
فبعد هذا الحدث الاستثنائي علَّقت الرئاسة العامة لرعاية الشباب على الموضوع ببيان أقتبس منه ما يلي:
(وأفاد تقرير مجلس إدارة نادي الاتحاد أن النادي سيُواجه عقوبات تصل إلى الحسم من نقاطه وتحويله إلى الدرجة الأولى إذا لم يتمكن من حل هذه الأزمة خلال الفترة القصيرة المقبلة.. عليه وحرصاً على مصلحة النادي، ووقوفاً معه في أزمته، واستشعاراً للدور الذي تحمله الرئاسة العامة لرعاية الشباب تجاه أندية الوطن).
وهنا يبرز العديد من الأسئلة والتي تُعنَى بموقف الرئاسة تجاه الحدث، وليست موجهة للاتحاد النادي، ومنها:
- هل هبوط النادي المتعسِّر لسوء إدارته المالية ظلمٌ له أم إحقاقٌ لحقّ؟
- هل منع تطبيق العقوبات من حسمٍ للنقاط أو التهبيط للدرجة الأدنى هو موافقة ضمنية من الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالتساهل في الحقوق؟
- هل حرمان النادي من مداخيله الثابتة (التي يعتمد عليها النادي في تصريف أموره خلال الموسم) لمدة خمس سنوات قادمة، وفي ظل الانقسامات الشرفية وعدم وجود الرعايات القوية المؤثرة هو إنقاذ له، أم تصديق على حكم إعدام قادم لا محالة؟
- في حال خصم النقاط، هل سيتأهل نادٍ آخر من خارج الوطن للبطولة الآسيوية؟
- في حال التهبيط للدرجة الأدنى، هل سيلعب نادٍ من دولة أخرى في دوري المحترفين السعودي؟
- هل الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو اتحاد كرة القدم يُعاملون الأندية وإداراتها كفاقدين للأهلية وكفاءة حمل المسؤولية تجاه التزاماتهم، أم يرونهم كجهات لها خبرتها واستقلاليتها يجب عليها التقيد بالنظام؟
- هل كان الاتحاد الإيطالي لكرة القدم جاحداً لأحد أندية وطنه ومتجاهلاً للدور الذي يحمله تجاه أندية وطنه عندما أصدر قراراً بسحب لقب الدوري وتهبيط نادي يوفنتوس العريق إلى مصاف الدرجة الأدنى؟.. أم كان يعي تماماً أن تطبيق النظام وإعطاء كل ذي حقٍ حقه هو السبيل الأوحد لاحترام وتقدير مسابقاتهم الكروية وحفاظاً على سمعة أندية وطنه من التجاوزات؟
ما حدث من تحايل على تطبيق النظام يعيدنا لنقطة الصفر عند التطرق لدوري المحترفين أو الأندية المحترفة.
تحدثنا كثيراً عن مضار جدولة الديون، وإعادة جدولة الديون، ولكن لا حياة لمن تنادي.
أعيد وأكرر أن اسم النادي المتعثر والذي صادف أن يكون عميد آسيا، لا يعنيني في هذا المقال بقدر ما يعنيني التصرف البعيد عن الاحترافية الذي يُؤكد أننا ما زلنا هواة عابثين في زمن الاحتراف.. وأن أحلامنا بتحويل الرياضة لصناعة حقيقية، ستظل تصطدم بعقلية (الرياضة لإشغال وقت الشباب ولحمايتهم من استغلاله بشكل سيئ) التي جعلتنا نقف في أماكننا لوقت طويلٍ جداً، وكل من حولنا ينطلق للأمام مسرعاً نحو بيئة محترفة ورياضة أجمل.
خاتمة...
عجِبتُ إزراء الغبي بنفسه
وصمت الذي كان بالعلم أعلما
وفي الصمت سترٌ للغبي وإنما
صحيفة لبّ المرء أن يتكلما