د.موسى بن عيسى العويس
* على جميع المستويات، سواء على مستوى الفرد، أو الشعوب، أو الحضارات، أو الدول لا تبني قوتك بناء حقيقياً متى كان الطريق إلى ذلك التقليل من شأن الآخرين، أو مهامهم، أو قدراتهم وإمكاناتهم، أورميهم بالجهل، واتخاذهم والنظر إليهم كعدو متربص، ينتهز الفرصة للانقضاض عليك، وتجريدك من مقومات القوة !
* القوة الحقيقية ثقافة عامة تغرس في الفرد من داخل مجتمعه الصغير (الأسرة) ومن داخل المؤسسة التعليمية والتربوية التي ينهل منها مصادر العلم والمعرفة والتوجيه.
* ينشأ الفرد منا، ومنذ بواكير حياته الأولى، وليس في داخله، أو حتى في هاجسه مشروع معين . من الخطأ أن يترك الفرد تحت مشيئته دون الأخذ بالأسباب . هكذا نحن في تربيتنا إلا ما ندر نترك الظروف، أو الصدفة، أو المسار الطبيعي التقليدي للحياة هي التي تصنعه وتوجهه وتختار طريقه في الحياة، ومن هنا ينشأ الفرد منا مجرداً من كل عوامل القوة الحقيقية، والفرد مهما يكن عبارة عن رقم في مجتمع يصنع المستقبل لحضارته ولوطنه.
* الحياة بتقلباتها، ومهما يكن أمدها لن يكون للضعيف مكان فيها، سيعيش كفرد عالة على نفسه، وعلى مجتمعه، بل وعلى العالم بأسره، وضعف المجتمعات، أو تراجع حضارتها وثقافتها نتيجة حتمية لضعف أفرادها، والعكس يصنع الضد في هذا المجال .
* من سلبيات ثقافتنا الشعبية التقليل من قوة الآخرين، أو التهكم بحضارتهم وثقافتهم، أو ازدراء سلوك الآخرين في الحياة بشكل عام، وبخاصة من يختلف معنا في الهوية الثقافية، وفي الجنس، وفي العرق، وأشد خطراً من ذلك تصورنا انهم إنما خلقوا ليناصبونا العداء، أو أن همهم الوحيد بالحياة حياكة المؤامرات والدسائس، ويسعون لتجريدنا من كل شيء، وربما نسي الكثير منا أن هؤلاء هم من البشر ينشغلون كغيرهم من سائر البشرية بتوفير مصادر عيشهم في الدرجة الأولى.
* من القصور في ثقافتنا أننا لا نؤمن بمبدأ التنافس الشريف الذي يمارسه الفرد، أو الشعوب والدول . هذا التنافس الشريف هو الذي يصنع الحياة الحقيقية للعالم، ويهيئ البشر للتعايش السلمي، والتعاون، والتكاتف فيما بينهم .
* متى حاولنا أن نصنع من الآخرين قوة، أو أن نفجر الطاقات لديهم حتما، وبشكل تلقائي سيتغير نمط تفكيرنا، وسنصنع قوة من الآخرين من حولنا لا يستهان بها ترتقي بالأمة إلى مدارج الكمال، وبالتالي نستطيع أن نصنع لأنفسنا وللآخرين مستقبلاً أفضل، يتعايش مع الآخرين، ولا يصادر قوتهم أو حقوقهم . هذه النظرة، وإن لم تطبق بحذافيرها كانت إحدى أهداف الاستعمار فيما مضى كمشروع ثقافي، وهو مشروع نجح بكل المقاييس قبل أن تتداخل معه ألاعيب السياسة، وسماسرة الأسلحة، فانحرفت الأهداف بكل أسف عن الغايات السامية النبيلة، وكانت النتيجة مشاهد الصراع الذي استوطن في كل قارة وإقليم.