د.موسى بن عيسى العويس
بلا شك أن لقاء الملك بمسؤولي مكافحة الفساد هو يوم استثنائي بالنسبة لهم، استشعروا فيه عظم المسؤولية والأمانة الملقاة على عواتقهم من جهة، وحزم القيادة وعزمها على مواصلة برامج الإصلاح المالي والإداري من جهة أخرى، أما عند قائد هذه المسيرة الملك (سلمان بن عبد العزيز) فلا يعدو هذا اليوم مختلفا عن بقية الأيام وساعاتها، الحافلة بالعطاء، والتواصل، والمتابعة، والاستماع بإنصات، والنظر في شؤون الوطن واحتياجات المواطن التي جعلها أمام عينيه منذ أن تولى مقاليد الحكم في هذه البلاد.
* الإصلاح المالي والإداري في مفهوم قائد الحزم والعزم جزء لا يتجزأ من برامج ومشاريع الإصلاح السياسي والتنموي بمفهومه الواسع الذي نظر إليه الملك بعين البصيرة منذ فترة تزيد على نصف قرن من الزمن، ولهذا وجد القائمون على الأجهزة الرقابية، سواء كانوا من هيئة مكافحة الفساد، أو غيرها من الأجهزة التي تدخل في منظومة عملها، أقول وجدوا أنفسهم أمام خبير، حنكته التجارب الإدارية التي صاحبت مسيرة حياته منذ وقت مبكر، فمعظم اللوائح والأنظمة، وخطط التنمية سواء كانت طويلة أم قصيرة ساهم في صنعها، بل أشرف على تنفيذ الكثير منها، وعاصمتنا (الرياض) والتطور الملموس في كل ناحية من نواحيها تبقى هي الشاهد الأكبر.
* الأجهزة الرقابية،حين يجتمع فيها الملك هي كغيرها من القطاعات الحكومية، والخاصة التي حظيت هي الأخرى في السنوات الأخيرة باهتمام كبير، بوصف القطاع الخاص أحد روافد التنمية القوية في أي بلد من بلدان العالم .اجتمع الملك، ليسمع أولاً من الجميع، وليطمئن ثانيا إلى أن المهام والاختصاصات والخدمات التي ينشدها المواطن، والمشاريع العملاقة الكبرى التي أنفقت عليها الدولة تتم على مستوى عالٍ من المهنية والجودة، لا مكان لمقصر،أو متهاون.
* في إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية،وهي واسطة العقد بين الأجهزة الرقابية أصبح المواطن يعتز ويفتخر حين فتحت له هذه الهيئة قنوات اتصال مباشرة لم تعهد من قبل، فأصبح المواطن يشعر بأنه شريك في الرقابة، وتحمل المسؤولية الكاملة تجاه مدينته، وقريته، وهجرته،بل وحيه السكني الذي يقطن فيه.أصبح المواطن اليوم يشعر بأنه شريك في صنع القرار التنموي.
* لقد امتدت شراكة الأجهزة الرقابية مع العلماء، والخطباء، والمفكرين، والمثقفين، ومحاضن التعليم، والهيئات المهنية المتخصصة، ومؤسسات المجتمع المدني، وأصبح الجميع يحمل هم الرقابة من خلال المشاركة باللجان والمجالس المحلية، والجمعيات التعاونية. كل هذه المعطيات يشهد لها الواقع المعاش، ولا زلنا نسمع ونقرأ بين فترة وأخرى المزيد من الإصلاحات، والتحديث، والتطوير في الأنظمة، والإجراءات، والسياسات العامة لجميع الأجهزة من خلال لجان يقودها فئات شابة مؤهلة ومتخصصة من أبناء هذا البلد.
* مع ذلك كله، يبقى الضمير الحي اليقظ، الحامل لواء الأمانة بنزاهة وإخلاص، وتبقى المواطنة الصادقة الصالحة هي التي يجب أن تقودنا إلى أفضل الممارسات في مجال الرقابة، والإدارة، والإشراف، والجودة، فقيم النزاهة التي تنقش في وجدان الفرد هي التي تحرك فيه نوازع الخير والفلاح والصلاح إن حدثته نفسه الأمارة بالسوء على ارتكاب المحاذير التي تجرمها الأنظمة واللوائح، وقبل ذلك تأباها تعاليم ديننا الإسلامي الذي يحث على التسامي في كل سلوك، في القول، وفي العمل.
* في الختام، ستبقى الرسالة التي أحسها الجميع من خلال هذه اللقاءات بين القائد ورعيته أن المهام وإن اختلفت من فرد إلى آخر، ومن جهة إلى أخرى فستبقى المسؤولية في حماية مكتسبات الوطن ومقدراته ومدخراته على الجميع، نتعاقبها جيلاً بعد جيل، لأننا نسير في هذا البلد برؤية واضحة، ورسالة يعرفها الجميع، تهدف إلى سد المنافذ أمام كل من يحاول العبث بمكتسباتنا أيّاً كان نوع هذا العبث، مهما كانت الصفة الاعتبارية للمسؤول.