محمد بن عبدالله آل شملان
الصورة مفرحة، ساحرة، جميلة، برَّاقة في ألبوم يصلح أن يعرض على مسرح التطوع، على مسرح الإنسانية، على مسرح شرف الخدمة. . صورة كشاف يحتضن طفلة لبضع ساعات ولشعور الطفلة
بالأمان غطت في نوم عميق وبجانبه زميل له يحمل له آخر على يديه، وفي الصورة الأخرى يقوم أحد الكشافة بمساعدة معتمرة على شرب الماء ويقف في حرص على هذه المعتمرة حتى تروي عطشها دون أي تذمر أو ملل في صورة تعكس مدى الإنسانية ورغبة المساهمة في كل ما من شأنه راحتها. وآخر يبذل قصارى جهده لإسعاف معتمرة، ومشهد آخر لكشاف يوصل معتمراً إلى مكان سكنه بواسطة عربات الجولف، وعربات الدفع، ولقطة أخرى لكشاف يشارك في توزيع وجبات إفطار الصائمين، وهذا كشاف يرشد، وآخر يساعد مسناً في قطع طريق. وصورة معبرة لكشاف يساعد ناشئاً معتمراً بحمله مسافات طويلة بعد أن أسقطه الإعياء التعب وجسمه الثقيل فلم يعد يقوى على الحركة، وفرد من أفراد الكشافة يساعد مسنة في الجلوس على الكرسي المتحرك.
هذه الصورة وتلك الصورة ربما كانت تلخيصاً للمشهد التطوعي والإنساني في الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف منذ دخول شهر رمضان يوم الخميس 1 - 9 - 1436هـ، يوم أن نشر الفجر أرديته في الآفاق، وسكب سناه على أودية مكة والمدينة والشعاب فإذا النسيم يأرج كما الرند، تفعم أشذاؤه أسراب الطير والحمام، ومواكب المعتمرين والطائفين، وجموع القائمين والركع السجود.
الصورة المفرحة، الساحرة، الجميلة، البرَّاقة تحولت في وسائل الإعلام المختلفة إلى حمامة بيضاء مرفرفة بسرور مشرقة بأمل وطموح. يقف الرائي لها بانجذاب فوق الشُّرفة المطلة على مدائن المشهد التطوعي والإنساني في الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف، بل وفي المملكة التي هي فعلاً (مملكة الإنسانية). اعتلتها الدهشة وأحاطها الانبهار وشدّها ذلك الضياء المشعّ بكل ألق وبهاء.
الكشافة كغيرهم من أبناء هذا الوطن الخيِّرِ المقدّس، يفرحون ويشرفون ويتسابقون لخدمة ضيوف الرحمن، ويقدمون صوراً إيمانية إنسانية يحثهم عليها المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: حيث يقول: « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد «، وقوله: « الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأَرض يرحمكم من في السماء «، وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: « من لا يرحمِ الناس لا يرحمه الله «. متفق عليه.
الكشافة السعودية صاحبة المبادرات الخلاقة في العمل التطوعي ومساعدة الآخرين وتعزيز المسئولية الاجتماعية والوطنية، استطاعت مبادراتها، أن تثبت جدارتها في التأثير والتميز على النشء والشباب لتعطيهم مثالاً للحركة الواعية المستوعبة، وتبث فيهم المزيد من الطموح للسير قدماً في مسارات الواجب نحو الدين ثم المليك والوطن، والإخلاص له، والانفتاح في الوقت نفسه على أبرز التطبيقات والمبادئ التربوية كالصدق وحسن الخلق وحب الخير وروح الإيثار والعطاء والمساعدة وحب خدمة الآخرين.
إن من يبحث في منجز التطوع والإنسانية، فسوف يجده - حتماً - في الحركة الكشفية في المملكة ، شبلاً، وكشافاً، وجوالاً، وقائداً، ومنتسباً، سوف يجده في الشخصية الكشفية مبادرة، وطيبة، وتواصلاً، وانفتاحاً على العالم، سوف يجده في التماهي بين نواحيها الروحية والخلقية وتأصيلها الإسلامي الصحيح، سوف يجده متمثلاً حقاً في عهد الليالي الذي قطعته على نفسها ووَفتْ به: « أعِدُ أن أبذل غاية جهدي في أن أقوم بواجبي نحو الله ثم الملك والوطن وأن أساعد الناس في جميع الظروف والأحوال وأن أعمل بقانون الكشافة «.
هنيئا لنا بالكشافة، وهنئياً للكشافة كما قال الدكتور عبدالله بن سليمان الفهد نائب رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية مؤخراً: « للكشافة أن يفخروا ويسعدوا ويعتزوا أن شرفوا بخدمة ضيوف الرحمن «، وهنيئاً للكشافة مناحي وصف الدكتور عزام بن محمد الدخيل وزير التعليم رئيس مجلس إدارة جمعية الكشافة العربية السعودية: « جنود في ساحات المعارك وجنود في ساحات العلم. . هؤلاء أبناؤك وبناتك يا وطني «، وهنيئاً لهم اللقب الذي يحمل الاسم الأغلى فلهم الافتخار بـ « رسل السلام « الذي اختاره لهم الهامة الوطنية والعالمية الاستثنائية الراحل الكبير المغفور له إن شاء الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
إنكم يا كشافة وطني الكبير ( المملكة العربية السعودية ).. لغة مقروءة بكل ألسنة العالم. إنكم يا سادة.. لغة للتطوع والإنسانية.