محمد بن عبدالله آل شملان
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
تحية لكم بعدد كل أفراد الأمتين العربية والإسلامية، من المحيط إلى الخليج.. وبعد:
لا يصنع وطناً من لم يكن زعيماً وقائداً ملهماً.. ذا شخصية فذة تجمع بين دفتيها طموح الحاضر وأحلام المستقبل.
ولقد كان والدكم الملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- أكثر من زعيم وأكبر من قائد، فقد استطاعت عبقريته أن تجعل من الضعف قوة، ومن الأمن المفقود، أماناً دائماً.. استطاع أن يلم أشتات شبه القارة في الجزيرة العربية؛ ليجعل منها دولة كبرى.. الإسلام عقيدتها ومنهاجها.. وصارت دولة أمن وأمان وسلام واستقرار لكل مواطن ووافد إليها.
وللحق أقول: إن عبدالعزيز، كان زعيماً في وقت نضبت فيه الأرض العربية من الزعماء، وكان قائداً ملهماً، في وقت تهاونت في القيادات الملهمة، في دفاعها عن الأمة العربية الإسلامية.. وكان صلباً في وقفته ضد الاستعمار، في وقت كان الاستعمار فيه يجثم فوق كل الدول العربية المسلمة باستثناء شبه الجزيرة أو المملكة تحديداً وكان قبل ذلك وبعده الرجل الفذ الذي جمع في داخله أصالة الأمة المسلمة ومعاصرتها وانفتاحها على كل أسباب التقدم والبناء بأحدث الوسائل العلمية المتاحة لبناء دولة عصرية.. وإذا كان عبدالعزيز القائد والمؤسس قد أرسى المعالم، فقد كان إخوانك الملوك -رحمهم الله تعالى- قد حذوا حذوه وزادوا، فأقاموا الدولة الإسلامية العصرية.. حتى جاء عهدكم -أيدكم الله- الذي مضى منه ما نستبشر بزهو وربيع قادمه رغم ظروف الأمة العربية والإسلامية الراهنة التي نعيش مرحلة من أدق مراحلها.
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
ليس هناك من شك في أنَّ نشاطكم السياسي والدبلوماسي المكثّف الذي تمثَّل في لقاءاتكم مع إخوانكم القادة والزعماء والأشقاء والأصدقاء من مختلف دول العالم قد شكّل مكسباً لاستهلال عهدكم، وقوة مضافة لقوة الأمة العربية والإسلامية.. فكانت خطوة عاجلة مطلوبة لترتيب البيت العربي والإسلامي ضمن ما يجري في كل الساحة العربية والإسلامية في ظل مرحلتها الحساسة البالغة الدقة.. وكانت خطوة عاجلة مطلوبة أيضاً لترتيب البيت العربي والإسلامي لمواجهة التحديات الحضارية والاستفادة من كل المتغيِّرات لما فيه صالح الأمة العربية والإسلامية وأمنها واستقرارها وعزها ورخاؤها. إن وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) -دوماً وأبداً- هو صوت الحق والعقل الواعي الذي يسعى دائماً إلى الحفاظ على مكتسبات الأمة. وهذه السياسة وهذا النهج السعودية في التعامل مع الأشقاء والأصدقاء من مختلف دول العالم، يلقى كل تقدير.. فوطننا الدولة والقيادة تحرص على الود والاحترام في علاقاتها كأساس لا تحيد عنه.. وكذلك العمل على دعم أسس السلام والاستقرار في المنطقة والعالم بأسره.
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
ليس غريباً.. ولا عجيباً، أن يحظى رفضك لانقلاب الميليشيا الحوثية على الشرعية في جمهورية اليمن الشقيقة، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف للحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره، بكل هذا التوجه في التأييد والدعم والحفز لكل ما يحيط أو يتصل به من أحداث -صغيرة كانت أو كبيرة- من الدول الشقيقة والصديقة المشاركة في عاصفة الحزم واستعداد غيرها لتقديم كافة أنواع الدعم الذي قد يحتاجها الوطن متى ما طلب منها ذلك.
فوطنك الذي هو وطننا في نظر العالم -ولا يزال وسيظل- الدينمو المحرك لاقتصادياته التي تعتمد على شرايينه المتدفقة بالخير والنعمة وأسباب الحياة، ولقد أتاح حدث السادس والعشرين من مارس المتمثل في «عاصفة الحزم» إجلاء صيغة إظهار ليس من أجل إنقاذ اليمن ودعم شرعية حكومته وإنما تتعداها إلى إثبات فاعل للوجود العربي الإسلامي في مواجهة التدخلات التي أرادت تحقيق مصالحها عبر «الاستيلاء» على دول عربية بعينها، وفرض هيمنتها عليها وعلى مقدراتها.
ولم يكن قرارك -يا رعاكم الله- ردّة فعل بل كان ينطلق من عقل راجح.. وبصيرة نافذة.. تضع الأمور في ميزان دقيق من المسؤولية الوطنية والأخلاقية.. وتضع مصلحة الكيان الواحد، بنسيجه الإسلامي العربي، فوق كل الاعتبار.
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
يا فجر وفأل العرب والإسلام.. أنت الميلاد واليقظة.. وخروج القهر من الأسوار.. أنت الأحلام والصحوة في أرض امتلأت أسرار.. أتيت.. وأتيت يا سلمان كالعاصفة المدوية تكتسح من ظنوا أنك لن تأتي لتفرق شمل الأشرار الذين يستهدفون أمن وطننا العربي الإسلامي وثرواته ونسيجه الاجتماعي، وتحول صوت عاصفتك (الحزم) إلى إيقاع يعزف للأجيال أجمل ترنيمة يرددها الأطفال في كل مكان.. وتحول مواكب أحزان الأمس إلى زفة فرح وعزة وبهاء امتلأت بأهازيج «عاصفة الحزم» وهتافات «عاصفة الحزم» وشعارات «عاصفة الحزم» وألبسة «عاصفة الحزم» تعلن للعالم أجمع أن هُنا إنسان عاشق للحرية والحق والقرار الصائب المتوازن.. وغدونا يا سلمان.. أكثر إشراقاً تعلو الابتسامة كل وجوه الأطفال.. تتعالى صيحات العزة والفخر والبهاء في كل مكان نحن معك في معركة الكرامة « عاصفة الحزم «.. في صنعاء وعدن وذمار.. في لحج وتعز.. وعروس البحر «الحديدة».. في حضرموت والمكلا.. وإب وعمران وخرجنا في الموكب لنشمر عن أيدينا، يتسابق كل منا.. ليحقق حلم الأمس ويعيد لليمن الوجه المشرق.. ويعيد لليمن الوجه المشرق.
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
لقد جسدت كلماتك الضافية التي وجهتها في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية السادسة والعشرين بشرم الشيخ الرؤيا الصائبة الثاقبة لمختلف القضايا العربية كما هي دائماً الدبلوماسية السعودية التي ترتكز على أسس ثابتة والتي تضع الحقوق العربية والإسلامية كمحور ارتكاز لانطلاقتها وفي تعاملها مع مختلف القضايا.. فالمملكة -وهذا أمر واقع- تقود الأمتين العربية والإسلامية وهي بالتأكيد على قدر حجم هذه المسؤولية الكبرى وتمارسها بكل اقتدار. فها أنت تقول: «الواقع المؤلم الذي تعيشه عدد من بلداننا العربية، من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء، هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية، الذي تقوده قوى إقليمية أدت تدخلاتها السافرة في منطقتنا العربية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بعض دولنا»؛ وقلت أيضاً: «آفة التطرف والإرهاب في قائمة التحديات التي تواجهها أمتنا العربية، وتستهدف أمن بلداننا واستقرارها، وتستدعي منا أقصى درجات الحيطة والحذر والتضامن في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها واستئصال جذورها» وقلت: «التدخل الخارجي في اليمن أدى إلى تمكين الميليشيات الحوثية -وهي فئة محدودة- من الانقلاب على السلطة الشرعية، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف للحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره».
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
من ورائكم ملايين الوطن العرب والمسلمين الذي يطالبكم باسمه ونيابة عن آلامه وطموحاته بالاستمرار في تحرير القرار العربي من عبودية الخلاف، وتأكيد الصمود العربي في وجه كل ما يحاك ضده من مناورات، أياً كان مصدرها ووسائلها؛ ليظل البيت العربي والإسلامي نموذج الأمس من أجل الغد الزاخر بكل الطموحات.
أتعرف يا سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -يا رعاك الله- أن موقفك ذاك لم تخذل الأمة العربية والإسلامية؛ وعليه خذ يقيناً بأننا جميعاً -فرداً بعد فرد- لن نخذل الأمة العربية والإسلامية كذلك، ولن نخذلك، بل وسنزيد عليها.. لن نخذل الوطن. لقد راهنت على مواقفنا عند الشدائد وعلى أن ما يجمعنا أكثر من ما يفرقنا، وها نحن نقول لك: سر بنا حيثما تشاء، فالشعب خلفك جند من جنود الله يخلص لك الحب والوفاء والولاء، جاؤوا إليك بقلوبهم يجددون العهد والبيعة على أن يبذلوا الأموال والأرواح فداء للوطن والكيان، هذي جموع الشعب من شرق الوطن إلى غربه شماله وجنوبه؛ كأنهم يعيدون إلى التاريخ يوم بيعتك وما قد سطروه بضمائرهم وأفئدتهم لكي يصونوا العهد ويجزلوا في البذل والعطاء.. ويكونوا لك سنداً ومؤيداً ونصيراً.
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
بارك الله فيكم يا قائدنا الأشوس، كل عربي شريف من حلب شمالاً إلى عدن جنوباً ومن رأس الخيمة على خليجنا العربي شرقاً، إلى مغرب أمتنا غرباً، سارت به عاصفة الحزم زاهياً على فيلق تمطره سماء تحقيق الأهداف نحو منع التدخلات السافرة للقوى الخارجية ذات المطامع والمشروعات التخريبية في البلاد العربية، وإزاحة الستار عن زيف ووهم القوة والأغلب.. بل ومئات من مدائن الإصلاح السياسي والاقتصادي في حضرتك.. في ظل إطلاقكم -يا رعاكم الله - عملية «إعادة الأمل» التي حملتم قبلها إلى اليمن، قبساً من نور، وقصيدة من خير هذا الوطن الوفير، بتخصيصكم 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن.
ومن عملية « إعادة الأمل» يحمل اليمنيون وفي فكرهم نبض راعش لليمن التي تلد الحكمة والإيمان، منذ أزل كان ببعيد! أن يكون هناك تغيير جذري في المشهد السياسي اليمني يعيد لليمن وحدته الوطنية ويضبط معادلة التوازنات الداخلية بما يمنع تغول جماعة السلطة ويضع حداً لتجاوزات الميليشيات وتشكيل وحدة وطنية تقود عملية الإصلاح السياسي وإعادة البناء الاقتصادي.
o سيدي الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله-..
أنت حاضن للقرار الصائب في الوقت المناسب عزَّز من توجهاتك ما تتمتع به -يا رعاك الله- من بعث روح التعاون والتكاتف وجمع الكلمة وتوحيد الصف والمحافظة على الأمن والسلام على المستوى العالمي وبالدرجة الأولى على المستوى العربي؛ فاستحققتم اختيار مجلة (تايم) الأمريكية كأحد الزعماء الأكثر تأثيراً في العالم، من بين 11 زعيماً عالمياً.
هنيئاً السعودية.. العرب.. الإسلام، بفارسك النبيل، حزمك ميلاد! ولا نامت أعين المرتهنين لأعداء الأمة. (حفظ الله العرب والمسلمين ووحدتهم وحرسهم بعينه التي لا تنام). أسأل الله تعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لما فيه خير وصلاح ورفعة الأمة الخليجية والعربية والإسلامية، وأن يديم الأمن والاستقرار والسلام على أوطاننا، وأن تنجح الجهود الخليجية والعربية والإسلامية المشتركة في تحقيق المصالح العليا.