د. محمد عبدالله العوين
في يوم الجمعة 26 من جون 2015م اكتست واجهة البيت الأبيض علم المثليين المكون من ستة ألوان هي ألوان قوس قزح؛ مشاركا إياهم الفرحة بموافقة المحكمة العليا على منح الشواذ الحقوق المدنية في الزواج وتبني الأولاد بأغلبية خمسة قضاة موافقين وأربعة معارضين!
لم يكتف البيت الأسود بإعلان فرحه بموافقة المحكمة على القرار المشئوم، بل تلونت صفحاته في الفيس بوك وتويتر بقوس قزح، وخاطب الرئيس أوباما الشعب الأمريكي مهنئا، عادا يوم الجمعة من الأيام التاريخية في حياة الأمريكيين، وزاعما أن المساواة انتصرت، وأن «الحب ينتصر»!
وإذا كانت تلك رؤية القضاة الذين يعهد إليهم بتقويم السلوك المعوج، والحفاظ على الأخلاق، وتمتين مقومات بناء الأسرة، والوقوف أمام أسباب تفككها من مخدرات وخمور وزنا وشذوذ، فكيف إذاً بغيرهم من عامة الناس؟! وإذا كان الباباوات والكهنة والقساوسة التزموا الصمت أمام صدور قرار العار ولم يتخذوا موقفا حازما، فمن يا ترى يمكن أن يحتج أو يرفع صوته بالنكير معارضا انحدار القارة الأمريكية إلى الهاوية؟!
وإذا كانت أعلى سلطة في الولايات المتحدة الأمريكية داعمة ومؤيدة ومستبشرة بالقرار ومهنئة به بعد صدوره، فمن يمكن أن يعول عليه في تلك القارة بعدُ لأن يرفع عقيرته معارضا ممسكا بدفة السفينة الأمريكية المثقوبة المنحدرة بسرعة إلى الغرق؟!
يا أيها الرئيس الذي يفترض أن يكون عاقل القوم وحكيمهم والحريص على سلامة شعبه وبلاده، والقدوة الحسنة لكل الشعب الأمريكي: كيف تنظر إلى نفسك بين أسرتك وأنت لا ترى بأساً أن تصاحب ابنتك فتاة مثلها شاذة وترفض الزواج الرسمي، أي ترفض أن تقترن برجل؟! وكيف يكون موقفك لو أن لديك ابنا منحرفا شاذا وأراد أن يصاحب فتى شاذا مثله ويدخله معه إلى بيتك وتعلم قبح ما يمارسانه، فكيف حينذاك هي مشاعرك كأب؟! بل كيف تنظر إليك زوجتك المصونة وهي لا تدرك حقيقة دوافعك المندفعة إلى تشجيع هذه الممارسة القبيحة، مهما بالغت في الادعاء أمامها بحصولك على مكاسب شعبية، لأنها تعلم أنك لا تملك فرصة رئاسية ثالثة!
أي موقف تشعر به وأنت تسير بين جموع من « المخنثين « الذين باركت لهم بانتصار « الحب « كما زعمت ويشكرونك بعمق على عواطفك نحوهم؟ ماذا ترجو من فئة شاذة تخلت عن المفهومات الأخلاقية للتعامل بين الرجال والنساء، وتناست قيم الأسرة وداست عليها بنتن الفحشاء وعهر النجاسة؟ بماذا تخاطب شعبك؟ وعن أي قيم أو نمط سلوكي متحضر تتحدث؟! وماذا تعلم مدارسك وجامعاتك؟ وما هي العظات الدينية التي سيلقيها الكهنة في كنائسهم وأنت رئيس أعلى سلطة في البلاد ترفع راية الفحشاء والخنا وتنشر العهر والفجور والشذوذ؟!
ماذا يمكن أن تعلم النشء من قيم الحب النقي والعواطف الطبيعية الفوارة بين الرجل والمرأة وأنت تشرع لشعبك حبا شاذا وعواطف منحرفة غير سوية بين رجل ورجل وامرأة وامرأة؟!
يا أوباما أيها الرجل الذي أيد النجاسة والقذارة وامتهان شرف الرجولة ورقة الأنوثة، ألا تجد حرجاً وأنت تقود شعبا سننت له القوانين وشرعت له الأنظمة وأوصيت أنت وقضاتك أن تصاغ في الدستور الأمريكي، كيف ستتكون في أمريكا خلال عقدين قادمين من الزمن « أسر « أمريكية من آباء وأمهات والرجال مع الرجال والنساء مع النساء؟!
وإذا كانت أمريكا قد انتصرت على الاستبداد وحققت الديموقراطية وانتصرت على العنصرية البغيضة خلال قرن من الزمان، فإنها اليوم ستخسر العدالة والحرية والكرامة حين تنكسر عيون الرجال وتتخشب عواطف النساء وينقطع النسل إلا ما كان بالتلقيح الصناعي أو بالأرحام المستأجرة!
أذكرك يا أوباما وأنت تقرأ الإنجيل بما ورد فيه عن قصة سدوم وعمورة قوم لوط، وأذكرك بقصة مدينة «بومبي» الإيطالية، وأنت تعلم أن تلك القرى حين شرعت الشذوذ جعل الله عاليها سافلها، وما هذا المصير الأسود عن قارتك الأمريكية الشاذة ببعيد!