د. محمد عبدالله العوين
أيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل أسبوع قرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة الموافقة على زواج مثليي الجنس في جميع الولايات الخمسين بما فيها الولايات الأربع عشرة التي لا زالت تمانع في منحهم الحقوق المدنية وحق الزواج وتبني الأطفال!
وقد صدر القرار بأغلبية أعضاء المحكمة بفارق صوت واحد لصالح القرار؛ حيث وافق عليه أربعة وعارضه ثلاثة بمن فيهم رئيس المحكمة العليا جون روبرتس.
وقد أظهر أوباما تأييداً كبيراً لقرار المحكمة وعده انتصارا للحرية وللمساواة وللحب - كما يزعم - وكتب تغريدة على تويتر يقول فيها «إن هذا القرار خطوة كبيرة في مسيرتنا نحو المساواة. الأزواج المثليون رجالا ونساء بات لهم الحق الآن في الزواج مثل غيرهم» وفي لقاء تلفزيوني قال إنه انتصار لأمريكا! واعتبر أنه يدشن لمرحلة جديدة من الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وفي أثناء اللقاء على الهواء قدم أمام المحكمة التهنئة على الحكم لأحد أصحاب دعاوى زواج المثليين!
ويدخل الرئيس أوباما التاريخ من أوسخ أبوابه؛ باعتباره أول رئيس أمريكي يوافق على قرار زواج المثليين ووضعه في صلب الدستور الأمريكي، وهي حماسة تثير الاستغراب والعجب منذ أن بدأ حملته الانتخابية، ثم بعد شهور من رئاسته، ثم الوعود التي أطلقها يعد الشواذ بمنحهم مزيدا من الحقوق، وقد تحققت الخطوة الأولى بالسماح للمجندين والمجندات في الجيش الأمريكي بالإفصاح عن ميولهم الجنسية. وإذا كان موقفه الإيجابي الداعم للشواذ في حملته الانتخابية مفهوما؛ لكسب مزيد من الأصوات؛ فما هي الدوافع الآن يا ترى ولم يبق على خروجه من البيت الأبيض سوى خمسة أشهر ولا فرصة تالية له؟!
إن التفسير الذي يتبادر إلى الذهن رغبته في إعلان قطيعته مع جذوره الإسلامية؛ مؤيدا هذا التفسير بتطرفه الشديد ضد كل ما هو أخلاقي كقراره هذا ومواقفه الشيطانية العدوانية تجاه كل ما هو إسلامي أو عربي وسعيه الحثيث إلى الإسراع بإنجاز أكبر قدر من خطة تفتيت المنطقة العربية، يريد أوباما من هذا التصلب المتشيطن تجاه العرب والمسلمين أن يظهر قطيعته المطلقة التامة من أية صلات بأصوله الإسلامية الأولى في طفولته، وأنه لا يحمل للمرجعية الأولى أي تأثير يمكن أن يلطف من مواقفه نحو العرب والمسلمين، أو يدفعه إلى الاعتراض على ما يسيء للقيم الدينية؛ كالشذوذ مثلا، أو بمعنى آخر يريد أن يقول للأمريكان: إنه أمريكي خالص، يتبنى نمط وقيم المدنية الغربية وينطلق من مفهومات المجتمع الأمريكي، ولا صلة له على الإطلاق بثقافة المجتمع الكيني حيث الأب ولا بالمجتمع الأندونيسي حيث بعض النشأة الأولى مع زوج الأم!
وإذا كان أوباما قد جرأ على إعلان موقفه المؤيد للشواذ والمحابي لهم بطريقة سافرة أثارت اعتراضا من قبل عدد من الأسماء الأمريكية البارزة المرشحة للرئاسة الأمريكية مثل المرشح الجمهوري «مايك هاكابي» الذي قال «هذا القرار المعيب والفاشل من أعمال الاستبداد القضائي غير الدستوري» لكن آخرين وقفوا إلى جانب أوباما؛ لمكتسبات انتخابية قادمة يطمع فيها بعضهم؛ كما فعلت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية التي عبرت عن تأييدها للحركة المثلية، أو لميول آخرين إلى الشذوذ أو الانتماء إلى تلك الفئة؛ كما هو شأن مارك زوكير بيرج مؤسس موقع التواصل الاجتماعي»!
وما يثير السخط على موقف أوباما ليس تأييده المطلق قبل القرار فحسب بل فرحته بالقرار بعد أن صدر؛ فقد اكتسى البيت الأبيض يوم إعلان قرار المحكمة بألوان علم الشواذ، وغير البيت الأبيض أيضا صور صفحاته على الفيس بوك وتويتر إلى ألوان قوس قزح شعار المثليين!
وقد دعا موقف أوباما المندفع نحو تأييد المثليين إلى أن يسخر منه رئيس زيمبابوي روبرت موغابي، قائلا «علمت بتأييد الرئيس الأمريكي أوباما لزواج المثليين ودفاعه عنهم، أعتقد أنه علي الذهاب لواشنطن، وأن أجثو على ركبتي وأطلب يده للزواج»!