حمد بن عبدالله القاضي
روى لي صديق أثق به عن جار له حكاية فيها كل العبرة والاعتبار.. قال: لي جار يسكن في الحي الذي أسكن فيه، وإن لم يكن مجاوراً.. وطوال هذه السنوات لم أرَ هذا الجار يرتاد مسجداً، أو يعمل خيراً، وقد نصحه الكثيرون، وخاف عليه الكثيرون.. ولكنه لم يرعوِ.. بل ظل غارقاً في غيّه، سادراً في ضلاله..!
وفجأة..!
تبدّل الرجل.. فإذا به يرتاد المسجد، ويلتقي الناس، ويحرص على عمل الخير..!!
ما الذي تبدل؟! ما الذي غيّر حياته..!؟
تساءل جيرانه والمحبون لـه.. وكشف لهم أحد أصحابه عن السر..!
قال: ((لقد كان في مراجعة للطبيب قبل شهر، وأفاده عن وجود مرض عضال لن يشفيه منه إلا الله.. وما العلاجات والحمية إلا وسائل للتخفيف من مرضه، وكان لكلمات الطبيب وقع عجيب عليه.. كأن جرساً علا صوته فجأة وهو نائم فأيقظه)).. ويواصل صديقه قائلاً وراوياً على لسانه: لقد شعرت أنني أركض في الدنيا بحثاً عن السعادة واللذات دون أن أكلف نفسي بواجبات دينية أو أي عمل خيّر.. ولكن وجدت أن هذه الدنيا التي أركض فيها ((غدارة))، وأن العمل الذي يبقى ولا يزول هو ما أعمله لله. لقد شعرت أنني قد أموت في أية لحظة كما يموت العير.. كما تموت أية حشرة.. إذ لا فرق بيني وبينها.. الفرق بيننا أن أمامي حساباً وعقاباً.. وجنة وناراً، ونعيماً، أو شقاءً.
كانت ((كلمة الطبيب)) (الصفعة الجميلة) التي أيقظتني، وأيقظت هذا الإحساس في نفسي.. إن الحقيقة التي ترسّخت في ذاتي الآن أن كل شيء - ما خلا الله - باطلٌ.. أما غير هذه الحقيقة في هذه الحياة فكلها أشياء خزفية، لا تلبث أن تنكسر وأن تتحطم، وما يبقى منها فالموت موعده..!
تلك هي الحياة باختصار.. وقد يضيق الإنسان منا ((بالبلوى)).. لكنها قد تكون نعمة، تضيء دواخل الإنسان قبل أن يأتي يوم لا تنفع فيه أضواء الدنيا وأنوارها، ومالها، وجاهها، وقوتها وصحتها..!
= 2 =
** ساهر الذي سهر:
حتى تقلصت الحوادث!**
سرَّني أن «ساهر» كان له أثر كبير بالحد من إصابات ووفيات حوادث السيارات كما تحدثت الأرقام.
ففي عام 1434هـ كان عدد المتوفين (1422) والإصابات (7582)، بينما بلغ مجموع الوفيات سنة 1435هـ (1056) والإصابات (5611).
ونتوق أن تتقلص أكثر؛ فقد غرقت طرقنا وشوارعنا بالدماء طوال العقود الماضية.
لقد راهنا وراهنت إدارات المرور على وعي الناس.. لكن - مع الأسف - عند قيادة السيارات يختفي هذا الوعي لدى الكثير، وجاء «حزم ساهر» فكان له الأثر الذي جسدته الأرقام.
لقد أصبح الناس يخشون «ساهر» خوفاً من «الغرامات». وهذا الخوف الإيجابي هو الذي كان وراء نقص الحوادث والوفيات.
هنا لا بد من توجيه تحية وفاء خاصة لأحد أبناء الوطن الذي ناضل بجهده ولسانه ووقته بوصفه المسؤول عن «ساهر» عند بداية تطبيقه، ذلكم هو سعادة العزيز اللواء/ عبدالرحمن المقبل مدير عام المرور؛ فالحق أنه جاهد كثيراً، ولقي كثيراً من اللوم في بداية تنفيذ مشروع ساهر، لكن عرف الكثيرون إيجابياته بحفظ الأرواح والأمان في الطريق.
= 3 =
آخر الجداول
المرحوم طاهر زمخشري
((رباه كفارتي عن كل معصية
أني أتيت وملء النفس إيمان
ربَّاه هذه يدي تمتدّ ضارعة
ومن نداك لها صفح وغفران))