د.ثريا العريض
تملأ تغطيات الأخبار حاليا تفاصيل حماية الحدود والاتفاقات البينية الدفاعية والصفقات التي تعقد لحماية الحاضر والمستقبل. الأرقام المبهرة تستدعي التفكير في موازنات المستقبل وما سنورثه للأجيال القادمة من استقرار.. ونبقى متفائلين. وأمس سألني متابع في تويتر: «متى سترفعون رواتبنا؟» فوصلتني غصتهم بجفاف اللقمة ورمضان يحاصرهم. الحقيقة أن موازنة الحياة اليومية للمواطن البسيط لا تقل أهمية في تحقيق الأمن في الحاضر عن موازنة الدولة في الصفقات الكبرى. والحاضر يؤسس المستقبل.
كل موسم رمضان تهطل على المشاهد إعلانات تسويقية تدعوه إلى المزيد من الاستهلاك والصرف. والحقيقة أن تصاعد المتطلبات لا يرتبط برمضان فقط. أسلوب الحياة تغير واحتياجات العيش الكريم في تصاعد.
احتفظت من جريدة اليوم بتاريخ الثلاثاء 29 ربيع الأول 1436 الموافق 20 يناير 2015 بما يلي: «أظهر مسح إنفاق ودخل الأسرة لعام 2013 نفذته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات خلال الفترة من 15 سبتمبر إلى 5 أكتوبر 2013 أن الشرقية احتلت المرتبة الأولى في ما يتعلق بالدخل الشهري للأسر السعودية بحوالي 16,6 ألف ريال. وسجلت الرياض أعلى متوسط إنفاق شهري على مستوى الأسر السعودية بنحو 18,5 ألف ريال, تلتها الشرقية بنحو 16,9 ألف ريال.
وبين المسح أن متوسط الدخل الشهري للأسرة السعودية خلال العام 2013 بلغ حوالي 13,6 ألف ريال.
وحسب المسح بلغ متوسط الإنفاق الشهري للأسرة السعودية 15,4 ألف ريال بزيادة قدرها 16% عن عام 2007, مشيرة إلى أن هذه الزيادة تفوق ارتفاع الأسعار وهو ما يؤكد تحسن وضعية الأسر السعودية. وفي المقابل بلغ متوسط الإنفاق للأسر بشكل إجمالي 11,5 ألف ريال بزيادة قدرها 12% عن عام 2007.
وأوضح المسح أن متوسط الإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسر السعودية بلغ 13,3 ألف ريال سعودي. وبالنسبة لجميع الأسر 10,1 آلاف ريال. ووفقا للمسح فإن متوسط الدخل الشهري للفرد بلغ 2262 ريالا، في حين بلغ متوسط إنفاقه 2554 ريالا.» ولي بعض الملاحظات:
1- لم افهم لماذا اختيرت المقارنة بأرقام عام 2007. فلا هي فترة عام واحد ولا 5 سنوات ولا 10 سنوات, بحيث يمكن تفسير ذلك بأنها تواكب فترة معتادة إحصائيا للمقارنة. وربما كان آخر مسح قبل الأخير تم عام 2007.
2- المسح أجري في الفترة 15 سبتمبر إلى 5 أكتوبر، ما يعني أنه جاء بعد فترة الإجازة الصيفية التي عادة تستهلك الكثير من ا لإنفاق وترفع الإنفاق الشهري. وفي الفترة التي تليها تأتي متطلبات المدارس. ثم يقل إنفاق الأسر فيبدو الفرق بين الدخل والإنفاق أقل مما هو في المعدل السنوي.
3- والنتائج أظهرت أن متوسط إنفاق الفرد يفوق متوسط الدخل الشهري له بحوالي 300 ريال. أي أنه يصرف 1-7 أو أكثر من 10% فوق دخله الشهري. وفي ظني أن الفرق أكبر.
4- المسح تم في الربع الثالث من عام 2013. نحن بشهر رمضان منتصف عام 2015 ولا أشك أن الأرقام ونسبة زيادة الإنفاق عن الدخل قد تغيرت مع ارتفاع الأسعار.
5- المشار إليه هو معدل الدخل ومعدل الإنفاق لعينة عشوائية من المواطنين، ولا أتوقع أنها، إن صحت عملية المسح, شملت المستوى الأعلى من الدخل وهو محصور في أفراد قلة من المواطنين، وهم من يرفع دخلهم العالي جدا معدل متوسط الدخل بينما النسبة الأكبر من المواطنين هم من الفئة الكادحة التي لا يتجاوز دخل أفرادها 1000 إلى 2000 ريال.
6- والسؤال من أين يأتي الفرد بفرق ما يصرف شهريا عن دخله الشهري؟ هل يستدين أو يلجأ لممارسة الفساد؟
لقد رُفضت توصية في الشورى برفع الحد الأدنى للراتب إلى 3000 ريال, ليس لأننا نرفض أن نساعد المواطن بل لأن 3000 ريال لا تكفي كحد أدنى.
المواطن يعاني مشكلة الإيجار وغلاء الأسعار وكثرة المعالين، فالحد الأدنى لدخل المواطن الآن ما زال لا يفي احتياجاته لحياة كريمة المستوى في هذا الزمن التقني. وعدا أن الأسرة الواحدة لا يكفيها دخل فرد واحد، أرى أن الحد الأدنى لما يحتاجه المواطن كدخل يجب ألا يقل عن 6000 ريال شهريا. لتتوازن الأمور ونضمن الأمن. ويظل رمضان كريماً.