د.ثريا العريض
أكتب بعد السحور في أول يوم من رمضان.
أبدأ بـ«كل عام و أنتم وأحباؤكم بخير وطمأنينة شهر الصيام بلغنا الله العيد في سلام». وأتوقف!.. هل الجميع في طمأنينة؟.
مرة أخرى تتردد في ذاكرتي أبيات قديمة تتسرب إلى ذهني وأنا أفكر في ما كنت أقرؤه أمس واليوم:
«نحن أيضاً بنوك
سادرٌ أنت عنا ونهواك
نحلم أن سيكون غداً
يوم عيدٍ نلاقيك فيه
نرى فيه وجهك.. وجه محبٍ حنون
نحن أيضاً ورثناك
لكننا لم نرث منك إلا شقاء الطريق
فمتى نلتقي..
لترفع عنا ستار السكوت..؟
وتفتح صدرك كي نحتمي من هوانك فيه..؟»
بعد آخر جلسة في مجلس الشورى و دراما رفض مقترحات حماية الوحدة الوطنية دون حتى دراستها و مناقشة تفاصيلها.. كان الصدى الوحيد الذي بقي في رأسي: ما الذي حدث بالضبط ؟ هل من المعقول أننا فعلا عايشنا ما عايشناه من تلك الدراما الغرائبية الممجوجة؟
أنا مع المقترح.. مع رؤية خادم الحرمين الذي جاءت كلمته في مطلع رمضان بعد يوم من جلستنا الغرائبية و كأنها ترد على الرافضين للمقترح. تؤكد أن العدل والمساوة حق لكل مواطن وأن أي استهانة بالوحدة الوطنية ستلقى ردها الرادع من السلطة. بلا شك هذا يعني نفس ما يطالب به المقترح ويحاول أن يصل به الى نظام رسمي يمنع أي تصنيفات و نعوت فجة وأفعال إقصائية تصدع اللحمة الوطنية و يطالب أن تفصل ليتم التصدي لها رسميا. الموقف الرسمي إذن أنه لابد أن يوقف استسهال العبث بحق أي مواطن في المواطنة الآمنة دون إهانة أو تحقير أو استفزاز أو اعتداء من أي فرد آخر يظن أن الوطن يمشي بتفاصيل إملاءاته وتفضيلاته حتى لو وصلت الى التكفير والتفجير.
ليس هناك فراغ تشريعي! هناك فراغ تطبيقي سببه تجاوزات بعضنا ضد بعضنا. نظام الحكم يؤكد أننا مواطنو دولة واحدة لا تفرق بين المواطنين. وتضمن لكل مواطنيها العدل والمساواة وحق الحياة الكريمة والأمن والأمان. وتحمل كل مواطن مسؤولية الالتزام باحترام حقوق الآخر وعدم التعدي عليه. ونظام الحكم هو الإطار الشامل الذي تأتي الأنظمة الأخرى لتوضح تفاصيل ما يشير إليه من تجاوزات وكيف تحدد العقوبات وتوضع موضع التطبيق.
بعض المواطنين لا يريدون أن يتساوى الجميع. هناك من يرون أن لهم هم حق التحفيز, و لغيرهم ما يستحق التمييز والتحقير بل والإهانة بل والاعتداء والإقصاء.
كلمة الملك تؤكد أن من يفعل هذا يرتكب جريمة تتصدى لها الحكومة لتوقف العبث بأمن الدولة. وتؤكد أنها تحمل مسؤولية ضمان كل حقوق المواطنة لكل مواطن. هل أخطأ بعض زملائي كما يخطئ بعض المواطنين خارج الشورى في استيعاب رؤية الملك؟ و فهم نظام الحكم وعلاقته بالأنظمة الفرعية؟ ربما البعض انساق لتأثير الأصوات العالية المتقصدة إحداث اللبس.. و من ثم انتقل الجدل الى ساحات التواصل الاجتماعي الصاخبة !!
في قنوات التواصل الاجتماعي المرآة العاكسة لكل ما يحدث وما يلفق, ووراء الأسماء الساترة للهوية, تتضخم أشباح الفرقة , و تنكشف الكثير من الرغبات العامة , كما تتضح معالم بعض العلل النفسية خاصة الحقد الفئوي.
هناك من يتربص بالوطن متخفيا و هناك من يضلل بصخب متقصد. و هناك من يحمي الوطن. و يعرف العقلاء أنه لابد من التكاتف لحماية الوطن.
وفي الشدائد يصبح وجود الصوت العاقل ضرورة ماسة.
أنا «المتفائلة المناضلة» أبدا كما يقيمني متابعو كتاباتي.. أتوقع أن يصدر قرار ملكي من فوق المجلس ليربط الفعل بالقول و الرؤية الواضحة , يحمي المواطن من اعتداءات المواطن كائنا من كان.