إبراهيم عبدالله العمار
إذا كنتَ مدرساً وسألك تلميذك عن شيء خارج الموضوع وهو يرغب أن يستزيد من العلم فنَهَرْتَه لأنه سأل خارج المنهج.. فأنت فاشل.
إذا سألك أحد عن شيء لا تعرفه فأخذت تتصنّع رداً طويلاً لا يجيب على سؤاله (خشية أن تقول «لا أدري»).. فأيها المُجيب.. أنت فاشل.
إذا سمعتَ سؤالاً محتاراً عن الله سبحانه فأجبتَ بالتشكيك في عقيدة السائل وبالاتهام والترهيب من النار.. فاسمح لي أن أقول.. أنت فاشل.. فاشل في الإقناع.
لا ينقضي عجبي من استخدام الكثير من الناس لأساليب معطوبة في الإقناع والجواب، وهي لمن يتأملها واضحة الإخفاق، ومن طرق التأمل أن يلاحظ الشخص استخدام الغير لهذه الطرق ليرى مِن الجانب الآخر، فسيرى أنها سيئة بل ربما تأتي بالنتيجة المناقضة للمقصود، ومن ذلك ما ذكرته بالأعلى، فمثلاً التشكيك الفوري في النية من مساوئ الإقناع، والأفضل إحسان الظن في النية، فبعض الناس يريد السؤال في أمورٍ هامة في العقيدة والدين والخالق، لكنه يخشى أن يُتّهم في دينه فيسكت فيلعب به الشيطان ويزيد عليه الوساوس والشكوك.
أيضاً من موانع الإقناع ومساوئ الجواب التفيهق والثرثرة الزائدة التي يُخفي بها المُجيب جهله بالموضوع، فإذا أراد الإقناع بشيء ما وسُئل عن تفصيلٍ لم يعرفه أخذ يتكلم ويتكلم ويلتف حول النقطة، وفي النهاية أضاع وقت السائل ولم يجب على السؤال، وإذا كان السائل غير منتبه فربما يظن أن الشخص أجابه!
أما إحدى أسوأ وسائل الإقناع والجواب فهي إشعار الشخص بالذنب، وهذه تأتي كثيراً إذا اشتكى البعض من هموم أو مشكلات لغيرهم. انظر لهذه المحاورة مثلاً:
أحمد: تعبت من الحياة يا صالح. أثقلتني الديون، لدي هموم في العمل، غموم في المنزل، تعبت.
صالح: يا أخي ما هذا التشكّي؟ احمد الله الذي أعطاك الكثير من النعم! هناك أناس فيهم أسوأ الأمراض وفي بلادهم حروب ومجاعات وأوبئة! وأنت تتشكى من أشياء بسيطة كهذه؟ كن رجلاً واترك التذمّر وانظر لما لديك من نعم أنت غافل عنها!
هذه المحاورة رأينا كلنا مثلها كثيراً، وهذا الأسلوب فاشل في الإقناع. عندما تهوّن من مشكلات المشتكي فأنت لن تفيده ولن تظهر التعاطف والتفهّم، بل هذا سيزيده بُعداً عنك ويجعله يندم أن باح لك، ومسألة التذكير بالنِّعم مسألة يفهمها البعض خطأً، فمن الحكمة النظر لمن هم أسوأ حالاً منا، لكن إذا اشتكى أحدهم لنا وصِحنا في وجهه أنه في نعمة وأن غيره أسوأ منه وأنه يبالغ، فهذا سيأتي بالعكس: هذا سيجعل الشخص يشعر ببعض الذنب لأنه فعلاً في نعمة من بعض النواحي لكنه لن يزيل مشكلته التي يشتكي منها، فيخرج من الحوار أسوأ مما كان: المشكلة موجودة لكن الآن يشعر ببعض الذنب أنه تذمّر وهناك أناس أسوأ منه حالاً. التذكير بالنِّعَم يجب أن يكون بلطف وحكمة وكجزء من إقناع أكبر وليس هو الرد الوحيد.
إذا أردت الإقناع والنصح فاحذر بعض المساوئ مثل المذكورة بالأعلى، فهذا أحرى أن يجعل إجابتك أفضل.