فقدنا صباح السبت 26 شعبان 1436هـ د. بدر بن أحمد كريّم، الذي كان بدراً مضيئاً، ملأ المجالس والإذاعات والشاشات بحضوره الفخم وهيبته الهادئة وصوته الجهوري العذب، وابتسامته التي لم تفارق محياه حتى في أشدّ مراحل تعبه. لن أتناول عصاميتك وكفاحك ومشوارك المشرّف طوال حياتك، وهي سيرة جديرة بأن تدرس للأجيال لما فيها من عبر ومواقف، ولكنني سأتحدث عن الأب والعم الحنون.
لست من الجيل الذين عاصروا فترتك الذهبية في الإذاعة والتلفزيون، لكني منذ وعيت على هذه الدنيا وأنا أراك وأجلس في حضرتك مع الأستاذ عبدالرحمن بن صالح الشثري صديق الخمسين عاماً التي مضت من عمركما بكل ما تحمله الصداقة والوفاء من معان، تشرفت في أواخرها بأن كنت قريباً منكما وجليساً -بقدر ما أستطيع- لكما. استمتعت واستفدت وتعلمت الكثير, لكنني لم ولن أكتفي من جميل مجلسكما.
لقد سطرت يا أبا ياسر كل معاني الإخلاص والوفاء, وأنا ألحظ صداقتك بوالدي.. وكيف كانت بينكما المحبة والعتب والنصح والسمر والتواصل الدائم والذكريات الجميلة التي جمعتكما طوال تلك السنين.
ستفتقدك زاويتك الغربية في ديوانية صديقك أبو هشام. وسيظل المجلس خالياً من ملحه وأديبه وعميده, مهما امتلأ بالناس. كم من يوم سننتظرك كما اعتدنا, قبل أن نتذكر أنك رحلت عنا, لأن وجودك لن يعوضه أحد!
لقد غمرتني باهتمامك وعطفك وسؤالك الدائم عني. وعلمتني أدب الحديث وفن الاستماع، وكيف يكون الرقي في الحوار. أثبتّ لي أن التواضع هو سر النجاح, وأنا أرى لطفك وعطفك يشمل الصغير قبل الكبير.
كم أشعر بالتقصير في حقك، وأني لم أحسن استغلال وجودك في حياتي. وعزائي أنك بين يدي رب رحيم، أسأله -عز وجل- أن يعلي منزلتك مع الصالحين والصديقين، وأن يجمعنا بك ووالديّ -حفظهما الله- في جنات النعيم، وأن يلهمنا وأبناءك وأسرتك الصبر والسلوان على رحيلك يا منبع الطيبة والوفاء.
عمي ومنبع الحنان د. بدر بن أحمد كريم: بكتك عيوني ولم ترو عطش فقدك. غبت ولكن لن يغيب محياك البدر. لن تمحى أحاديثك من مخيلتي، ولن أنسى تلك القصص والروائع التي كنت تحكيها لنا. سأشتاق إليك دوما وستظل ذكراك عطرة في كل زوايا حياتي وستبقى لي رمزاً لن أنساه ووالداً لطالما سأفتقده!
- سعود بن عبدالرحمن الشثري