اضحك أحياناً على نفسك ">
ربما يستدعي سير عجلة الحياة أن يضحك المرء على نفسه في مناسبات، وأن يأخذ الأمور في هذه المناسبات ببساطة حتى لا يفلت منه العيار.. فمثلاً قد يتعرض المرء في موقف لسماع كلمة لا يرتضيها في الأوقات العادية ويحاسب صاحبها عليها ولكنه في هذه المرة، وفي هذا الموقف بالذات يتسبب إذا أثار ضجة حولها في خسارة كبيرة، كأن لا تتم عملية البيع مثلاً، أو لا يتم تحقق الأمل الذي سبق أن بذل في سبيله مالاً وجهداً ووقتاً كثيراً.. ومن ثمّ فمن الواضح أنّ من الحكمة هنا أن يضحك المرء على نفسه، ويسمح بمرور هذه الكلمة في هذه المرة وتحت هذه الظروف.
والواقع أنّ هذا المثال لم يتضمن ضحكاً بالمعنى الأصلي للضحك؛ ولنذكر الآن بعض الأمثلة التي تتضمن ضحكاً حقيقياً: هب أنك اضطررت لارتداء ملابسك بسرعة كبيرة، ثمّ اكتشفت بعد ذلك أنّ الجورب الذي ارتديته بالقدم اليمنى يختلف عن ذلك الذي ارتديته بالقدم اليسرى فلا تنزعج، ولا تخلق جواً من الاضطراب حولك، فكثيراً ما تجد بعض الأشخاص يضطربون اضطراباً صامتاً فيحرصون في حركاتهم حرصاً كبيراً حتى لا يظهر الخطأ الذي يسرفون في تجسيمه لأنفسهم إلى درجة تجعلهم أحياناً ينسحبون من كثير من المواقف التي كانوا يرغبون في أن يوجدوا فيها لولا هذا الذي حدث. والأمر لا يستحق كلّ ذلك؛ والاستجابة الطبيعية في مثل هذا الموقف أن يضحك الشخص على نفسه ولا مانع في أن يشترك مع أصدقائه في الضحك وبهذا ينفض الموضوع بشكل مناسب.
وأحياناً يتحمس المرء بفكرة عينة ويذكرها لمجموعة من زملائه فيتضح لهم سخافة الفكرة ويضحكون منها.. وهنا نجد أنّ المرء يتخذ عادة أحد طريقين، فقد يدافع عن الفكرة، وقد يخجل من نفسه وينسحب؛ وهذا سلوك خاطئ على أيّة حال فطالما أنّه اكتشف سخافة الفكرة، فالأجدر به أن يسخر منها ويضحك عليها مع زملائه.. أما الدفاع عن قضية خاسرة فإنّه مجهود عقلي، ومجهود عصبي، ومجهود نفسي، ولا طائل من وراءه، فماذا لا نسلم؟
ولماذا لا نضحك على أنفسنا؟!وأحياناً تضطر لأن تضحك بمفردك، فلا تتردد!.. ومن أمثلة هذا الموقف أنك أحياناً تذكر لأصدقائك طرفة تعتبرها مضحكة للغاية، ثمّ تجد أنّه يستمعون إليها بشيء من البرود، فلا تنزعج؛ بل اضحك عليها، وإضحك على نفسك أيضاً.مثل هذه المواقف إذا أخذتها ببساطة ودون تريث، عاد عليك هذا بفوائد صحية كثيرة... فلا تستهلك نفسك في انفعالات غير مناسبة كالغضب والخجل؛ بل ابتسم وأضحك، وخذ بعض المسائل بشيء من البساطة، حتى لا تعقد الأمور على نفسك وبالتالي تعقد حياتك بلا داع.
- من كتاب (تمتع بالحياة)