سعد الدوسري
حين نشاهده وهو يعمل بكل جهده وإخلاصه لكي يقدم لنا إنتاجه على طبق من إبداع، فلا بدَّ أن نحترمه. وهل هناك أقل من الاحترام لنعطيه إياه؟! إنه الواجب الذي يفرضه علينا الإحساس الإنساني بالآخرين. إنَّ من يعمل بكل طاقته ليوفر لنا ما نريد أو ما نحب، هو جدير بالتقدير. لكن من يفعل ذلك؟! من يقدِّر حجم التعب الذي يرهق كاهل عامل بسيط، يبدأ عمله قبل أذان الفجر، لكي يوفر لنا إفطارنا الصباحي المتأخر؟! إننا بالكاد نقف أمامه ونصرخ في وجهه، لينهي طلباتنا قبل غيرنا. من يقدِّر عاملاً بسيطاً يذرع الشارع جيئة وذهاباً لكي يجعله أقل اتساخاً؟! إننا لا نراه وهو يعمل، وكأنه كائن شفاف. من سبق له، وهو يستقل قطار الرياض الدمام، أن فكّر بقائد هذه الوسيلة الصعبة والمعقدة، أو بمضيف شاب على رحلة جوية دولية، أو أخصائي تخدير في غرفة عمليات. هؤلاء لا يكادون يكونون موجودين في حساباتنا، لا نفكر بهم ولا بكمية الجهد الذي يبذلونه من أجل حياة أفضل لنا ولغيرنا.
أذكر أننا كنا ضيوفاً على أرامكو، وكان دليلنا الذي يستقل معنا الحافلة في دخولنا أو خروجنا لمرافق الشركة، يطلب منا أن نحيي بأيادينا وابتساماتنا رجال أمن البوابات الذين نعبر أمامهم، كنوع من التقدير لما يبذلونه من جهد في حراسة المداخل والمخارج. وهذه ليست مبادرة من دليلنا، ولكنها واحدة من قيم احترام المهنة التي تزرعها الشركة في منسوبيها، والتي يجب أن نزرعها في أنفسنا وأطفالنا.
هلَّ رمضان، وهلَّ يا الله أملُنا برحمتكَ ومغفرتكَ والعتقِ من نيرانك.