د.دلال بنت مخلد الحربي
من المعروف أننا نعيش أحداثاً متشابكة محيطة بنا، وواقع المسلمين في بلاد إسلامية أو أقليات في دول غير إسلامية يدفع بنا إلى إعادة النظر في محتوى خطبة الجمعة. وفي ذلك استند إلى رأي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله- الذي قال يوماً: «الأحسن أن يجدد الخطيب الخطبة بقدر ما يتسنى له ذلك لما في ذلك من زيادة العلم والتشويق وقوة التأثير والبعد عن الملل والسآمة».
ومن خلال إمامة مسجد رسول الله مارس النبي الكريم جميع الأدوار القيادية، فقد كان القدوة والمعلم والمربي والمفتي والقاضي والقائد. وخطبتيه الشهيرتين في المسجد كلها توجيه وإرشاد للمسلمين في تلك المرحلة، مرحلة نشر الإسلام وتعزيزه في النفوس وتأسيس الدولة الإسلامية.
وبعد ذلك وعبر القرون الإسلامية اللاحقة كان منبر مكة المكرمة ومنبر المدينة المنورة كما يريد ذكرهما في المصادر الإسلامية بهذا الاسم، فإعلان في مواقفها الإسلامية القوية والقديمة من خلال مجموعة من الإعلام، وحرصت كل الدول الإسلامية التي كانت مكة والمدينة جزءاً منها أو تحت إشرافها. العناية بإمامة الحرمين والاهتمام بالمنبرين لأن منهما بث إعلامي لصالح الدولة.
ولعلنا نتذكر أن الدولة العثمانية لم يعن لها التمدد السعودي في الدولة السعودية الأولى في شبه الجزيرة العربية إلا بعد أن سيطرت الأخيرة على المدينة ومكة وأبطلت الدعاء للسلطان العثماني من على المنبرين في خطبة الجمعة فكان تحرك الدولة العثمانية ضد الدولة السعودية.
ومن المهم أن نوضح أن حكومة المملكة العربية السعودية حماها الله تبذل الكثير لخدمة كما أن خطباء الحرمين يبذلون جهداً في إعداد الخطبة، ولكن من متابعة شخصية لخطبة الحرمين وجدت أنها في الأغلب وأقول في الأغلب تتصل بالوعظ والإرشاد والطرح العام وخطاب لا يتواءم مع النشء الجديد والاختلاف الثقافي بين الأجيال والاختلاف بيننا وبين غيرنا من المسلمين وبعض منها وإن كان يحمل عناوين لقضايا معاصرة إلا أنه لا يفي بالمطلوب.
وهذا ليس تقليلاً من شأن الخطباء ولكنه رغبة في الاستفادة من هذه الخطبة وأن تكون مؤثّرة على المستوى العالمي بأن تكون خطبة الجمعة ذات مقصد عالمي وخطاب شمولي يوجه لمناقشة قضايا الإسلام والمسلمين المعاصرة بعمق أكثر، وارتباط أقوى. ودليل عدم انتشار هذه الخطب وضعف انتشارها أن مشاهديها على اليوتيوب لا يتجاوز بضع المئات من المشاهدين.
قضايا المسلمين كثيرة منها: قضايا الفقر، غياب العدالة، التعايش مع الأمم الأخرى، التهجير القسري لبعض المسلمين، الإرهاب، التطرف، النظرة السلبية للمسلمين والإسلام، الاهتمام بالتنمية والعلم، وغير ذلك مما يمس حياة المسلمين قاطبة في إطار هذا العالم.
إننا إن فعلنا ذلك نكسب في تثقيف وتوجيه أفراد من مختلف أنحاء العالم بما يصب في مصلحة الإسلام والإنسانية أولاً، ويجعل من المملكة مصدر من مصادر التوجيه والقيادة وهو أمر أساسي لأن وجود الحرمين فيها يجعلها دون شك على رأس الدول الإسلامية ذات الأهمية وهي القبلة ومكان الجذب والاستقطاب.
فلنوظف منبري مكة والمدينة تحقيقاً لرسالة المسجدين وللدور القيادي للمملكة العربية السعودية.
وأختم بمقترح أن توزع الخطبة قبل الخطبة، وأن تلخص في نهايتها بالإنجليزية أو بإحدى اللغات الأشهر التي يستخدمها أكبر عدد من المسلمين علنياً.