د. عبدالرحمن الشلاش
من تجبره الظروف للتوجه للسوق في فترة ما بين المغرب والعشاء وفي مدينة مزدحمة بالسكان ومخنوقة بالحركة المرورية مثل الرياض لن يتمكن من قضاء احتياجاته في هذه المدة الزمنية القصيرة فهي لا تتجاوز بالكاد الساعة الواحدة إن لم تكن أقل. المحلات لا تفتح أبوابها إلا بعد صلاة المغرب بعشر دقائق وتغلق الأبواب وخاصة المحلات الكبيرة منها قبل أذان العشاء بربع ساعة.
في مطلع هذا الأسبوع ذهبت بعد المغرب لإحضار بعض الأغراض من محل السوبر ماركت القريب من سكني وعند وصولي للمحل قبل أذان العشاء بعشرين دقيقة فوجئت برجل الأمن يقف عند البوابة ويمنع الزبائن من الدخول، والسبب كما ذكر في تبريره للممنوعين من الدخول أن الوقت المتبقي غير كاف للمتسوقين لشراء كل ما يرغبون وكذلك دفع الحساب للكاشير المزدحم من دونهم، وأن السماح بدخول أي منهم سيؤدي إلى إقفال المحل في وقت متأخر وهو الأمر الذي سيحرجهم مع رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! ثم راح رجل الأمن يروي قصصاً تراجيدية لحالات سابقة حدثت وكادت تتسبب في إقفال المحل من قبل الهيئة، وشرع رجل الأمن في شرح مستفيض موجه للجموع الحاشدة الواقفة أمام البوابة عن ضرورة الالتزام بالنظام والتعليمات الصادرة من الجهات ذات الاختصاص، وأن على الجميع التعاون في سبيل تنفيذ ما تطلبه الجهات المعنية وبالتالي عليهم الانصراف حالاً والحضور بعد صلاة العشاء دون الدخول في نقاشات غير مفيدة. سنحسب هذه المدة الواقعة بين مغادرة بوابة المحل لحين الحضور بعد صلاة العشاء وفتح الأبواب!
إذا كان المتبقي على أذان العشاء عشرين دقيقة تضاف لنصف ساعة هي المدة التي تستغرقها المساجد بين انتظار الصلاة وأدائها وعشر دقائق يستغرقها أصحاب المحلات بعد انقضاء وقت الصلاة سيكون الإجمالي تقريباً ساعة كاملة. هذه الساعة دون شك ستضر بالبعض وخاصة النساء إذ سيحتم عليهن الوضع الانتظار الطويل خارج المحلات لساعة كاملة، كذلك المرضى الذين سينتظرون فتح أبواب الصيدليات، وعابري السبيل الذين تجبرهم ظروفهم للتوقف وشراء بعض المواد التموينية وهم في طريقهم لمنازلهم البعيدة أو في طريق سفر طويل، يحدث هذا أيضاً في محطات البنزين داخل المدن، أو المحطات الواقعة في أطراف المدن على الطرق السريعة، والطرق الفرعية. المدن الكبيرة المكتظة بالسكان الزاخرة بالحركة المرورية الهائلة مثل الرياض ويقترب منها في حجم المشكلة مدينتي جدة والدمام هي من تعاني في مثل هذه الفترة القصيرة جداً ويكون الأمر نسبياً في باقي المدن إذ يخضع لحجم السكان في كل منها.
لا ألوم أصحاب المحلات فهم ينفذون التعليمات الصادرة حتى ولو كانت غير واقعية. الغريب أن هناك دراسة معدة حول فترة ما بين المغرب والعشاء مطروحة على طاولة مجلس الشورى دون أن نجد لها حتى اليوم أي نتائج قابلة للتنفيذ وترضي جميع الأطراف! هناك مقترح لتمديد هذه الفترة بتأخير صلاة العشاء ساعة وهو مقترح لا يتعارض مع الدين فوقت العشاء فيه سعة، وهناك مقترح آخر للسماح لبعض المحلات بفتح أبوابها في هذه الفترة.
لا بد من حل سريع فالوضع حالياً مزعج، وفترة بين المغرب والعشاء خاصة في الرياض غير مستفاد منها فقد أصبحت حالياً أربعين دقيقة وعليكم الحساب!