د. عبدالرحمن الشلاش
خلية الإرهابيين الستة عشر والتي أعلنت عنها وزارة الداخلية يوم الأربعاء 16/8/ 1436معظم أفرادها من الشباب صغار السن أما البقية فهم أيضا من جيل الشباب الكبار. شباب غض طري العود تصور أن بعضهم يقترب عمريا إلى عمر الطفولة المتأخرة، وبعضهم في سن العشرين أو أقل أو أكثر أما أكبرهم فهو من مواليد 1401 أي أن عمره 35 سنة.
الشباب الصغار منهم يفترض أنهم في مدارسهم في المرحلة الثانوية، والبعض الآخر في بدايات المرحلة الجامعية يعيشون حياتهم مع أترابهم حيث الطموحات والآمال والتعطش لخدمة الوطن، وهنا تبرز تساؤلات كثيرة عن الأسباب التي أدت بهؤلاء الشباب إلى الانحراف واعتناق المناهج الضالة والابتعاد عن وسطية الدين، وتساؤلات عن المتسببين في سلوك هؤلاء الشباب لطريق الضلال المظلم والذي يؤدي بهم في نهاية الأمر إلى عالم القتل والجريمة، ولنا أيضا إثارة أسئلة عن أدوار الأسر في التربية الصحيحة لإعداد مواطنين صالحين، وأدوار المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات في تحصين الشباب فكريا بتوضيح مناهج الإسلام الصحيحة والصافية، ونشر ثقافة الحياة والبناء والإعمار، وأدوار المؤسسات الإعلامية في نشر الوعي بأهمية الوحدة الوطنية والتلاحم بين كافة أطياف الوطن والتعايش من أجل مستقبل هذا البلد وبما يمليه علينا ديننا الحنيف ومسئوليات المواطن في بناء وطنه وما له من حقوق وما عليه من واجبات، ثم نستفهم عن دور المؤسسات الدينية وجيوش المشايخ والخطباء والدعاة في إيضاح مبادئ الدين القائمة على المحبة والتسامح والعفو والود والصفاء وشرح أحكام الفقه في حرمة القتل وإزهاق أرواح من كرمهم الله قال تعالى في كتابه الكريم {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (70) سورة الإسراء. ولا يليق بمن كرمهم الله أن تزهق أرواحهم بغير حق.
نستفسر أيضا عن أدوار المؤسسات المعنية بالشباب وعن برامجها لإشغال الشباب بما يفيد تحت إشراف رسمي فقد سئمنا الجهود الفردية المثيرة للشك والريبة، ودخول أشخاص في المناشط الموجهة للشباب بتوجهات مثيرة للقلق والشكوك، أيضا نتساءل عن أدوار مؤسسات العمل في تقديم المزايا لاستقطاب الشباب وتشغيلهم!
قد تكون الإجابة على كل التساؤلات التي أوردت صادمة فالأسباب التي أدت لاعتناق الشباب للفكر الضال كثيرة ومتشابكة ولا يمكن فصلها عن بعض كما لا يمكن تحميل جهة بعينها المسئولية فالأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية والإعلامية ومؤسسات سوق العمل، والجهات المتخصصة في برامج الشباب كلها مسئولة فقد تسببت بأدوارها الضعيفة في دخول المتطرفين بقوة مستغلين هذا الضعف أو التسهيلات التي تقدم لهم من جهات لقيادة المجموعات والحلقات في المساجد والجمعيات الخيرية والإنسانية والمدارس والجامعات والبرامج الشبابية فتصدروا المشهد واختطفوا الشباب الصغار وغسلوا أدمغتهم ووجهوهم للالتحاق بالجماعات الإرهابية بعد أن أسقوهم شراب الكراهية ودربوهم على العنف ووطنوهم على تكفير كل مخالف.
تخليص شبابنا من قبضات التطرف والإرهاب يبدأ بإعادة أدوار المؤسسات الدينية والإعلامية والاجتماعية الشبابية التي ذكرت وتقويتها ودعمها لتعمل وفق مناهج وسطية معتدلة بعيدة عن الغلو والتطرف والتشدد المؤدية للإرهاب.