صيغة الشمري
أخيراً أعلن وزير الصحة أنه سيتم تخصيص جميع مستشفيات وزارة الصحة، وسيتم تسليمها لشركات لتتولى تشغيلها، وتكون تحت إشراف مباشر من وزارة الصحة. وهذا القرار يعتبر من القرارات التي كنا ننتظرها منذ زمن طويل؛ لأنها أول خطوة من خطوات القضاء على ظاهرة الأخطاء الطبية ورفع مستوى الطب في السعودية. الغريب أن هذا القرار تأخر كثيراً، ولم يأتِ إلا مع وزير إداري متخصص بالإدارة دون الحاجة لمعرفة مهنة الطب.
والأكثر غرابة أن هذا الأمر معمول به في جميع الدول المتقدمة طبياً منذ عشرات السنين، وكأننا لا نعرف هذه البلدان ولا نعرف مستشفياتها، أو أن محاكاة الدول المتقدمة في قراراتها الناجحة أمر مستعيب عندنا، وكأنه عيب لا يجدر بنا فعله. ليست وزارة الصحة وحدها بل جميع وزاراتنا معنية بهذا الأمر الذي لا يجدر بها القيام به، وهو التأخر الكبير في اتخاذ القرار الصائب والواضح وضوح الشمس. القرارات الأخيرة التي تم إصدارها لتنظيم أجور الخدم أوقفت مافيا كانت ترفع الأسعار كما يحلو لها، وبعد يومين من وصول الخادمة تصلها معلومة تخبرها بأنه يجب عليها الهرب والعمل بشكل غير نظامي؛ لتحصل على مبالغ أعلى. هذه القرارات الصائبة في تنظيم سوق الخادمات موجودة في دول أخرى، وكان جميع المواطنين ينادون بتنظيمها عبر قرار صائب تأخر كثيراً جداً، مع أنه قرار موجود في الكثير من دول العالم، لكن لا سبب معروفاً لتأخر هذا القرار الصائب! كان هناك بابٌ للسرقة ظل مفتوحاً، ولم يقفل سوى بعد سرقة أموال المواطنين عبر 104 مساهمات عقارية متعثرة. كان الحبل على الغارب، وكان يستطيع أي مواطن إعلان مساهمة عقارية؛ ليسرق مئات الملايين من جيوب المواطنين، ثم يعلن إفلاسه بعد أن يكون قد هرب، بل إن بعضهم لا يجد ضرورة للهرب لينظر لك بعين قوية، ويطلب منك التوجه للقضاء، بينما في دولة مجاورة لا يمكن أن يحدث هذا الشيء؛ لأنه ببساطة لا يُمنح المواطن حق إقامة مساهمة عقارية دون بنك ضامن! ولن يستقيم حال العقار دون هذا القرار الذي يبدو أنه على وشك أن يُتخذ، ولكن بعد سنوات من انتظاره. مالك العقار منذ أن يشاهدك تكلفت كثيراً في ديكور محلك، أو عرف أنك تربح في تجارتك، قام بطلب إيجار مضاعف؛ ليضعك في خيارات أحلاها علقم؛ لينسف كل أحلامك ومصدر رزقك دون حسيب ورقيب، بينما في دولة مجاورة هذا الكلام لا يحدث، ولا يستطيع مالك العقار رفع الإيجار دون موافقة لجنة متخصصة، تدرس شرعية هذه الزيادة. هناك الكثير والكثير مثل هذه القرارات، كان يفترض أن يتم اتخاذها قبل هذا الوقت بسنوات؛ لتوقف مشكلة من المشاكل التي أضرت بأفراد المجتمع بشكل كبير جداً.
تأخُّر اتخاذ القرارات الصائبة في مشاكل بديهية لها حلول جذرية في بلدان أخرى أمرٌ غريب ومحير!