سلمان بن محمد العُمري
في كتابي المعنون بـ «حقوق الإنسان في الإسلام.. المجتمع السعودي أنموذجاً» خرجت بمجموعة من النتائج والتوصيات المهمة ومنها: أهمية رعاية الحقوق على الأمن والاستقرار والمواطنة الصالحة، حيث بات واضحاً - من خلال التجارب التاريخية - أن النظم السياسية تفشل حين تهمّش فيها الحقوق ذات المضمون الاجتماعي مثل: العدالة الاجتماعية، والعدالة بين البشر، والحرية المنظمة.
وكرامة الإنسان وحقوقه مطلب لا يقبل المساومة، فهي حق أصيل قد كفلها الله - سبحانه - للبشرية؛ لذا لا يمكن أن يتنازل عنها، وهذه الحقوق لطالما أهدرت في عهود طويلة على مر التاريخ الإنساني، ولا يزال هذا الإهدار يتجسّد في صور متعددة في عصرنا الحاضر أيضاً!!
إن الإنسان يبحث في حياته دوماً عن الأمن والأمان والشعور بالاستقرار لينطلق في سبيل حياته وسعادته، وكذلك يقدم إبداعاته التي تفيد نفسه والآخرين، ومن هنا كان سعي الأمم حثيثاً ودائماً للحصول على الأمن والحفاظ عليه مهما كان الثمن غالياً، فهذه هي سنة الله في الحياة، تتسابق الأمم لتحقيق ذلك.
أما ما يهدد الأمن والأمان فقد يأتي من داخل النفوس متمثّلاً بالنفس الأمارة بالسوء أو من داخل بنيان الأمة متمثّلاً بضعاف النفوس والمهزومين والمنافقين والحاقدين، أو يأتي من خارج الحدود من الأعداء الذين يتربصون بالأمة الدوائر.
لهذا كان للدفاع عن الأمن والأمان جبهات عدة، جبهة على صعيد النفس بتعزيزها بتقوى الله ودعمها بنور الحق والهداية والتمسك بأهداب الدين الحنيف، وجبهة على صعيد البنيان الداخلي تتمثّل في رد الضال عن ضلالته - بإذن الله - والعودة به إلى رحاب الهدى، وإن لم يرتدع تُطبق حدود الله فيه، ولا شك أن للأسرة دوراً كبيراً في هذا المقام في توجيه أبنائها الوجهة الصحيحة، وغرس حب الوطن في نفوسهم، وكذا القطاعات التعليمية والثقافية والإعلامية كل جهة لها دورها المناط بها، وفق أسس ومعايير ثابتة واضحة، فالمحافظة على الأمن مسؤولية الجميع وكنز فريد لا يمكن التفريط فيه بأي حال من الأحوال، وليست مسؤولية القطاعات الأمنية وحدها، بل مسؤولية أبناء الوطن جميعهم، بل والمقيمين في هذا الوطن المعطاء.
المحافظة على الأمن في عدم تقبُّل ما تبثه القنوات الإعلامية الموجّهة من أكاذيب وخداع تمس الوطن وقادته وعلماءه، وعدم الاندفاع وراء الإشاعات الكاذبة المغرضة التي تبث هنا وهناك وهدفها زعزعة الأمن وإثارة الفتنة والمشكلات بين أبناء الأمة.
وجبهة على صعيد الخارج تتمثّل في الدفاع عن النفس بكل وسيلة مشروعة، وقد يصل الأمر حد الشروع في الحرب دفاعاً عن الأمن والأمان والسلم والسلام وحياة الرغد والاطمئنان.
إنه واجب على كل فرد من أفراد الأمة أن يسهم بما يستطيع على تلك الجهات، وجبهة جهاد النفس مطلوبة من كل منا، وفائز من استطاع الانتصار فيها وخائب من خانته نفسه وفلت زمامها من يده، وانطلقت من عقالها إلى بحار الشهوات وخبيث السيئات، وجبهة كشف الأعداء في الداخل أو المنحرفين من أبناء الأمة مطلوبة من أي منا، كي لا يصبح هؤلاء طابوراً خامساً في تهديد أمان الأمة.
إن المسؤولية في المحافظة على الأمن مسؤولية الجميع الصغير والكبير، ذكوراً وإناثاً، علماء ودعاة ووعاظاً ومرشدين، وطلبة علم في تبصير الناس بحقيقة الإسلام الخالدة والمحافظة على هذه النعم الخيّرة، والتي أولها نعمة الإسلام والأمن والأمان في بلاد الحرمين الشريفين ولله الحمد، كما أن للمعلمين والمعلمات دوراً كبيراً في توجيه الناشئة الوجهة الصحيحة، وإرشادهم بعدم الانصياع إلى أقوال الحاقدين والمشبوهين والمتلبسين بعباءة الإسلام!!
إن تكاتف أبناء الوطن قادة ورعية سمة هذه البلاد الخيّرة ولله الحمد، فالمملكة العربية السعودية دستورها القويم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهو المنهاج الحق الذي يجب أن يتبعه الناس كافة من مواطنين ومقيمين على هذه الأرض المباركة.
فبالتكاتف والتعاون والمؤازرة واليقظة يتحقق الأمن وجوداً واستمرارية - بإذن الله -، وأولاً وأخيراً فإن النصر من عند الله، ولا أمان إلا بجوار الله، قال تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 81- 82]، والحمد لله.